﴿قَالُوا﴾ اختيار الماضي هنا للإيذان بأن صدور هذا الكفر منهم ليس بطريق الاستمرار مثل كفرهم السابق المعبر عنه بالمضارع أي قالوا بطريق الاستهزاء بالحشر ﴿تِلْكَ﴾ الردة والرجعة في الحافرة وفيه إشعار بغاية بعدها من الوقوع في اعتقادهم ﴿إِذًا﴾ آنكاء ونران تقدير ﴿كَرَّةٌ﴾ الكر الرجوع والكرة المرة من الرجوع والجمع كرات ﴿خَاسِرَةٌ﴾ أي ذات خسران على إرادة النسبة من اسم الفاعل أو خاسرة أصحابها على الإسناد المجازي أي على طريق إسناد الفعل إلى ما يقارنه في الوجود كقولك تجارة رابحة والربح فعل أصحاب التجارة وهي عقد المبادلة والريح والتجارة متقارنان في الوجود وإلا فهم الخاسرون والكرة مخسور فيها أي إن صحت تلك الكرة فنحن إذا خاسرون لتكذيبنا بها وهذا المعنى أفاده كلمة إذا فإنها حرف جواب وجزء عند الجمهور وإنما حمل قولهم هذا على الاستهزاء لأنهم أبرزوا ماقطعوا بانتفائه واستحالته في صورة المشكوك المحتمل الوقوع ﴿فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ جواب من الله عن كلامهم بالإنكار وتعليل لمقدر أي لا تحسبوا تلك الكرة صعبة على الله فإنها سهلة هينة في قدرته فإنما هي صيحة واحدة أي حاصلة بصيحة واحدة لا تكرر يسمعونها وهم في بطون الأرض وهي النفخة الثانية كنفخ واحد في صور الناس لإقامة القافلة عبر عن الكرة بالزجرة تنبيهاً على كمال اتصالها بها كأنها عينها يقال زجر البعير إذا صاح عليه ﴿فَإِذَا هُم﴾ س آنكاه ايشان وسائر خلايق ﴿بِالسَّاهِرَةِ﴾ أي فاجأوا الحصول بها وهو بيان لحضورهم الموقف عقيب الكرة التي عبر عنها بالزجرة وإذا المفاجأة تفيد حدوث ما أنكروه بسرعة على فجأة والساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لأن السراب يجري فيها من قولهم عين ساهرة جارية الماء وفي ضدها نائمة يعني إن بياض الأرض عبارة عن خلوها عن الماء والكلأ شبه جريان السراب فيها بجريان الماء عليها فقيل لها ساهرة وقيل لأن سالكها لا ينام خوف الهلكة يقال سه كفرح لم ينم ليلاً أو هي جهنم لأن أهلها لا ينامون فيها أو كأنه مقلوب الصاد سينا من صهرته الشمس أحرقته وقال الراغب : حقيقتها الأرض التي يكثر الوطىء بها كأنها سهرت من ذلك وعن ابن عباس رضي الله عنهما إن الساهرة أرض من فضة لم يعض الله عليها قط خلقها حينئذٍ وقال الثوري الساهرة أرض الشام وقال وهب بن منبه جبل بيت المقدس وكفته اند سهره نام زمين است نزديك بيت المقدس در حوالى جبل اريحاكه محشر آنجا خواهد
٣١٨
بود خداي آنراكشاده كرداند ندانكه خواهد.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣١٤
كتاب تفسير روح البيان ج١٠ من ص٣١٩ حتى ص٣٣٠ رقم٣٣
وفي الحديث بيت المقدس أرض المحشر والمنشر وقال المولى الفتارى في تفسير الفاتحة إن الناس إذا قاموا من قبورهم وأراد الله أن يبدل الأرض غير الأرضت مد الأرض بإذن الله ويكون المحشر فيكون الخلق عليه عندما يبدل الله الأرض كيف يشاء إما بالصورة وإما بأرض أخرى ما هم لعيها تسمى بالساهرة يمدها سبحانه مد الأديم ويزيد في سعتها أضعاف ما كانت من أحد وعشرين جزأ إلى تسعة وتسعين جزءاً حتى لا نرى عوجاً وإلا أمتاً.
وقال في التأويلات النجمية : فإذا هم بالساهرة أي يظهر أرض الحياة كما كانوا قبله ببطن أرض الممات ﴿هَلْ أَتَـاـاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾ كلام مستأنف وارد لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن تكذيب قومه بأنه يصيبهم مثل ما أصاب من كان أقوى منهم وأعظم يعني فرعون ومعنى هل أتاك أن اعتبر هذا أو ما أتاه من حديثه ترغيب له في استماع حديثه وحمل له على طلب الأخبار كأنه قيل هل أتاك حديث موسى قبل هذا أم أنا أخبرك به كما قال الحسن رحمه الله أعلام من الله لرسوله حديث موسى كقول الرجل لصاحبه هل بلغك ما لقى أهل البلد وهو يعلم إنه لم يبلغه وإنما قال ليخبره به انتهى.
وإن اعتبر إتيانه قبل هذا وهو المتبادر من الإيجاز في الاقتصاص استفهام تقرير له أي حمل له على الإقرار بأمر يعرفه قبل ذلك أي أليس قد أتاك حديثه وبالفارسية آي نين نيست كه آمد بتو خبر موسى كليم عليه السلام، تاستلى دهى دل خودرا بر تكذيب قوم وخبز فرستادى ازو عده مؤمنان ووعيد كافران.
يعني قد جاءك وبلغك حديثه عن قريب كأنه لم يعلم بحديث موسى وإنه لم يأته بعد وإلا لما كان يتحزن على إصرار الكفار على إنكار البعث وعلى استهزائهم به بل يتسلى بذلك فهل بمعنى قد المقربة للحكم إلى الحال وهمزة الاستفهام قبلها محذوفة وهي للتقرير وزيد ليس لأنه أظهر دلالة على ذلك لا لأنه مقدر في النظم ﴿إِذْ نَادَاـاهُ رَبُّهُ﴾ ظرف للحديث والمناداة والنداء بالفارسية خواندن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣١٤


الصفحة التالية
Icon