أصعب فيلزمهم بأن يقول لهم أيها السفهاء من قدر على الأصعب الأعسر كيف لا يقدر على أعادتكم وحشركم وهي أسهل وأيسر فخلقكم على وجه الإعادة أولى أن يكون مقدور الله فكيف تنكرون ذلك قوله أأنتم مبتدأ وأشد خبره وخلقاً تمييز والسماء عطف على أنتم وحذف خبره لدلالة خبر أنتم عليه أي أم السماء أشد خلقاً ﴿بَنَـاـاهَا﴾ الله تعالى وهو استئناف وتفصيل لكيفية خلقها المستفاد من قوله أم السماء فيتم الكلام حينئذٍ عند قوله السما ويبتدأ من قوله بناها وأم متصلة واستعمل البناء في موضع السقف فإن السماء سقف مرفوع والبناء إنما يستعمل في أسافل البناء لا في الأعالي للإشارة إلى أنه وإن كان سقفاً لكنه في البعد عن الاختلال والانحلال كالبناء فإن البناء أبعد عن تطرق الاختلال إليه بالنسبة إلى السقف
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣١٤
﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاـاهَا﴾ بيان للبناء أي جعل مقدار ارتفاعها من الأرض وذهابها إلى سمت العلو مديداً رفيعاً مسيرة خمسمائة عام فإن امتداد الشيء إن أخذ من أسفله إلى أعلاه سمى سمكاً وإذا أخذ من أعلاه إلى أسفله سمى عمقاً وقال بعضهم : السمك الارتفاع الذي بين سطح السماء الأسفل الذي يلينا وسطحها الأعلى الذي يلي ما فوقها فيكون المراد ثخنها وغلظها وهو أيضاً تلك المسيرة ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا﴾ الغطش الظلمة.
قال الراغب : وأصله من الأغطش وهو الذي في عينه شبه عمش يقال أغطشه الله إذا جعله مظلماً وأغطش الليل إذا صار مظلماً فهو متعد ولازم والأول هو المراد هنا أي جعله مظلماً ذهب النور فإن قيل الليل اسم لزمان الظلمة الحاصلة بسبب غروب الشمس فقوله واغطش ليلها يرجع معناه إلى أنه جعل المظلم مظلماً وهو يعيد والجواب معناه إن الظلمة الحاصلة في ذلك الزمان إنما حصلت بتدبير الله وتقديره فلا إشكال ﴿وَأَخْرَجَ ضُحَـاـاهَا﴾ أي أبرز نهارها عبر عنه بالضحى وهو ضوء الشمس ووقت الضحى وهو الوقت الذي تشرق فيه الشمس ويقوم سلطانها لأنه أشرف أوقاتها وأطيبها على تسمية المحل باسم أشرف ما حل فيه فكان أحق بالذكر في مقام الامتنان وهو السر في تُير ذكره عن ذكر الليل وفي التعبير عن إحداثه بالإخراج فإن إضافة النور بعد الظلمة أتم في الأنعام وأكمل في الإحسان وإضافة الليل والضحى إلى السماء لدوران حدوثها على حركتها والإضافة يكفيها أدنى ملابسة المضاف إليه ويجوز أن تكون إضافة الضحى إليها بواسطة الشمس أي أبرز ضوء شمسها بتقدير المضاف والتعبير عنه بالضحى لأنه وقت قيام سلطانها وكمال إشراقها.
إمام زاهد فرموده كه روز وشب دنيا بآسمان يدا كردد بسب آفرينش شرًتاب وماه دور.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣١٤
قال بعض العارفين الليل ذكر والنهار أنثى فلما تغشاها الليل حملت فولدت فظهرت الكائنات عن غشيان الزمان فالمولدات أولاد الزمان واستخراج النهار من الليل كاستخراج حواء من آدم.
قال تعالى : وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون، وقال يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل كعيسى في مريم وحواء في آدم فإذا خاطب أبناء النهار قال يولج الليل وإذا خاطب أبناء الليل.
قال : يولج النهار، وقال بعض أهل الحقائق إن توارد الليل والنهار إشارة إلى توارد السيئة والحسنة فكما الدنيا لا تبقى على ليل وحده ولا على نهار وحده بل
٣٢٤


الصفحة التالية
Icon