﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾ أي مقامه بين يدي مالك أمره يوم الطامة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى وذلك لعلمه بالمبدأ والمعاد فإن الخوف من القيام بين يديه للحساب لا بد أن يكون مسبوقاً بالعلم به تعالى وفي بعض التفاسير المقام إما مصدر ميمي بمعنى القيام أو اسم مكان بمعنى موضع القيام أي المكان الذي عينه الله لأن يقوم العباد فيه للحساب والجزاء وقيل : المقام مقحم للتأكيد جعل الخوف مقابلاً للطغيان مع أن الظاهر مقابلته للانقياد والإطاعة بناء على أن الخوف أول أسباب الإطاعة ثم الرجاء ثم المحبة فالأول للعوام والثاني للخواص والثالث لأخص الخواص ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ عن الميل إليه بحكم الجيلة البشرية ولم يعتد بمتاع الحياة الدنيا وزهرتها ولم يغتر بزخارفها وزينتها علماً منه بو خامة عاقبتها والهوى ميلان النفس إلى ما تشتهيه وتستلذه من غير داعية الشرع وفي الحديث أخوف ما أتخوف على أمتي الهوى وطول الأمل إما الهوى فيصد عن الحق وإما طول الأمل فينسى الآخرة قال بعض الكبار : الهوى عبارة عن الشهوات السبع المذكورة في قوله تعالى :﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَآءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَـاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالانْعَـامِ وَالْحَرْثِ﴾، وقد أدرجها الله في أمرين : كما قال : إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ثم أدرجها في أمر واحد وهو الهوى في الآية، فالهوى جامع لأنواع الشهوات فمن تخلص من الهوى فقد تخلص من جميع القيود والبرازخ.
قال سهل رحمه الله : لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء وبعض الصديقين ليس كلهم وإنما يسلم من الهوى من ألزم نفسه الأدب وقال بعضهم : حقيقة الإنسان هي نفسه لا شيء زائد عليها، وقال تعالى : ونهى النفس عن الهوى فمن اناهي لها تأمل انتهى.
يقول الفقير : إن الإنسان برزخ بين القحيقة الإلهية والحقيقة الكونية وكذا بين الحقيقة الملكية والحقيقة الحيوانية فهو من حيث الحقيقة الأولى ينهى النفس من حيث الحقيقة الثانية كما إن النبي عليه السلام، يخاطب نفسه بقوله عليه السلام : السلام عليك أيها النبي من جانب ملكيته إلى جانب بشريته أو من مقام جمعه إلى مقام فرقه فإن الجنة هي المأوى} له لا غيرها فنهى النفس عن الهوى معناه نهيها عن جميع الهوى عن أن اللام للاستغراق وإلا فلا معنى للحصر لأن المؤمن الفاسق قد يدخل النار أو لا ثم يدخل الجنة فلا يصح في حقه الحصر اللهم إلا أن يقال معنى الحصر أن الجنة هي المقام الذي لا يخرج عنه من دخل فيه وفي بعض التفاسير :
٣٢٧
المراد بالجنة مطلق دار الثواب فلا يخالف قوله تعالى :﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّه جَنَّتَانِ﴾ فإن له جنتين بفضل الله في دار الثواب جنة النغيم بالنعم الجسمانية وجنة التلذذ باللذات الروحانية.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣١٤
ودر فصول آورده كه اين آيت درشان كسى است كه قصد معصيتي كند وبران قادر باشد خلاف نفس نموده از خداي بترسد واز عمل آن دست باز دارد.
كر نفسي نفس بفرمان تست
شبهه مياوركه بهشت آن تست
نفس كشد هر نفسي سوى ست
هركه خلافش نفسي زدبرست
قال محمد بن الحسن رحمه الله : كنت نائماً ذت ليلة إذا أنا بالباب يدق ويقرع فقلت : انظروا من ذلك فقال رسول الخليفة هارون يدعوك فخفت على روحي وقمت ومضيت إليه فلما دخلت عليه قال دعوتك في مسألة إن أم محمد يعني زبيده قلت لها إني أمام العدل وإمام العدل في الجنة فقالت إنك ظالم عاص قد شهدت لنفسك بالجنة فكذبت بذلك على الله وحرمت عليك فقلت له يا أمير المؤمنين إذا وقعت في معصية فهل تخاف الله في تلك الحال أو بعدها فقال أي والله أخاف خوفاً شديداً فقلت له أنا أشهد إن لك جنتين لا جنة واحدة قال الله تعالى ولمن حاف مقام ربه جنات فلاطفني وأمرني بالانصراف فلما رجعت إلى داري رأيت البدر متبادرة إلي.
عبد الملك بن مروان خليفه روز كار بود وأبو حازم أمام وزاهد وقت بوادزوى رسيدكه يا أبا حام فردا حال وكار ماون خواهد بود كفت اكر قرآن مي خواني قرآن ترا جواب ميدهد كفت كا ميكويد كفت فأما من طغى إلى قوله فإن الجنة هي المأوى بدانكه دردنيا هر نفسي را آتش شهوتست ودر عقبي آتش عقوبت هركه امروز بآتش شهوت سوخته كردد فردا بآتش عقوبت رسد وهركه أمر وزبآب رياضت ومجاهده آتش شهوت بنشاند وهمنين در دنيا دردل هر مؤمن بهشتي است كه آثرا بهشت عرفان كويند ودر عقبي بهشتي است كه آنرا رضوان كويند هركه أمروز دردنيا بهشت عرفان بطاعت آراسته دار فردا به بهشت رضوان برسد.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣١٤


الصفحة التالية
Icon