إلا عشية أو ضحى احتمل أن يكون العشية من يوم والضحى من يوم آخر فيتوهم استمرار اللبث من ذلك الزمان من اليوم الأول إلى الزمان الآخر من اليوم الآخر وإما إذا قيل إلا عشية أو ضحاها لميحتمل ذلك البتة قال في "الإرشاد" واعتبار كون الليث في الدنيا أو في القبور لا يقتضيه المقام وإنما الذي يقتضيه اعتبار كونه بعد الإنذار أو بعد الوعيد تحقيقاً للإنذار ورداً لاستبطائهم وفي الآية إشارة إلى ساعة الفناء في الله فإنها أمر وجداني لا يعرفها إلا من وقع فيها وهم باقون بنفوسهم الغليظة الشديدة فكيف يفهمونها بذكرها بلسان العبارة كما قيل : من لم يذق لم يعرف كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها لاتصال آخر الفاء بأول البقاء كما قال العارف الطيار العطار قدس سره :
كر بقا خواهى فناي خود كزين
أو لين يزى كه مي زايد بقاست
وفي الحديث من قرأ سورة النازعات كان ممن حسبه الله في القبر والقيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة مكتوبة وهو عبارة عن استقصار مدة الليث فيما يلقي من البشرى والكرامة في البرزخ والموقف كذا في حواشي ابن الشيخ رحمه الله.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣١٤
تفسير سورة عبس
أربعون أو إحدى وأربعون آية مكية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٢٩
﴿عَبَسَ﴾ من الباب الثاني والعبس والعبوس ترش روى شدن يعني ترش كرد روى خودرا محمد عليه السلام ﴿وَتَوَلَّى﴾ اعرض يعني روى بكردانيد ﴿أَن جَآءَهُ الاعْمَى﴾ الضمير لمحمد عليه السلام وهو علة لتولي على رأي المبصريين لقربه منه أي تولى لأن جاءه الأعمى والعمى افتقاد البصر ويقال : في افتقاد البصيرة أيضاً ولام الأعمى للعهد فيراد أعمى معروف وهو ابن أم مكتوم المؤذن الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلّم في الأذان ولذلك قال عليه السلام، إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان من المهاجرين الأولين استخلفه عليه السلام، على المدينة مرتين حين خرج غازياً وقيل ثلاث مرات مات بالمدينة وقيل شهيداً بالقادسية وهي قرية فوق الكوفة قال أنس رضي الله عنه رأيته يوم القادسية وعليه درع وله راية سوداء ويقال ليوم فتح عمر رضي الله عنه يوم القادسية فإنه ظفر على العجم هناك وأخذ منهم غنائم كثيرة واختلفوا في اسم ابن أم مكتوم فقيل هو عبد الله بن شريج بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر ابن لؤي وقيل هو عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم من بني عامر بن هلال وهو ابن خال خديجة رضي الله عنها وأم مكتوم اسم أم أبيه كما في "الكشاف" وقال السعدي هو وهم فقد نص ابن عبد البر وغيره إنها أمه واسمها عاتكة بنت عامر بن مخزوم.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٣٠
روى) أن ابن أم مكتوم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وذلك في مكة وعنده صناديد قريش عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل
٣٣٠
بن هشام والعباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم لأن عادة الناس إنه إذا مال أكابرهم إلى أمر إليه غيرهم كما قيل الناس على دين ملوكهم فقال له يا رسول الله علمني مما علمك الله انتفع به وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله عليه السلام، بالقوم إذا السمع لا يكفي في العلم بالتشاغل بل لا بد من الأبصار على إنه يجوز إنهم كانوا يخفضون أصواتهم عند المكالمة أو جاء الأعمى في منقطع من الكلام فكره رسول الله قطعه لكلامه واشتغاله به عنهم وعبس وأعرض عنه فرجع ابن أم مكتوم محزوناً خائفاً أن يكون عبوسه وأعراضه عنه إنما هو لشيء أنكره الله منه فنزلت.
أمام زاهد فرموده كه سيد عالم صلى الله عليه وسلّم از عقب أو رفت واورا بازكر دانيده ورداي مبارك خود بكسترانيد وبران نشانيد.


الصفحة التالية
Icon