وأما الحث على الاستعداد وأما رعاية المقابلة بينه وبين أنشره تنبيهاً على كمال قدره وتمام حكمته ﴿ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ﴾ أي إذا شاء إنشره وإحياءه وبعثه شره وإحياه وبعثه وفي تعليق الإنشاء بمشيئته له إيذان بأن وقته غير متعين في نفسه بل هو تابع لها بخلاف وقت الموت فإنا نجزم بأن أحداً من أبناء الزمان لا يتجاوز مائة وخمسين سنة مثلاً وليس لأحد مثل هذا الجزم في النشور هكذا قالوا وفيه إن الموت أيضاً له سن معلوم وأجل محدود فكيف يتعين في نفسه ويجزم بوقوعه في سن كذا بحيث لا يكون موكولاً إلى مجرد مشيئته تعالى ولعل تقييد الإنشار بالمشيئة لا ينافي تقييد الموت بها أيضاً إذ لا يجري عليه تعالى زمان وإنه من مقدمات القيامة ولذا قال عليه السلام : من مات فقد قامت قيامته أي لاتصال زمان الموت بزمان القيامة فهو قيامة صغرى مجهولة كالقيامة الكبرى وفيه إشارة إلى أن الميت إن كان من أهل السعادة فإنشاره من قبور أهل السعادة وإن كان مدفوناً في قبور أهل الشقاوة وإن كان من أهل الشقاوة فإنشاره من قبور أهل الشقاوة وإن كان مدفوناً في قبور أهل السعادة ولذا قال صاحب المشارق في خطبة كتابه ثم إذا شاء منها شره أي من مكة فإن من دفن بمكة ولم يكن لأثقابها تنقله الملائكة إلى موضع آخر وفي الحديث :"من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط نقله الله إليهم حتى يحشر معهم"، وفي حديث آخر :"من مات وهو يعمل عمل قوم لوط سار به قبره حتى يصير معهم ويحشر يوم القيامة معهم" كما في الدرر المنتثرة للامام السيوي رحمه الله، وحكى إن شخصاً كان يقال له ابن هيلان من المبالغين في التشيع بحيث يفضي إلى ما يستقبح في حق الصحابة مع الإسراف على نفسه بينما هو يهدم حائطاً إذ سقط فهلك فدفن بالبقيع فلم يوجد ثاني يوم الدفن في القبر الذي دفن به ولا التراب الذي ردم به القبر بحيث
٣٣٦
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٣٠
يستدل بذلك لنبشه وإنما وجدوا للبن على حاله حسبما شاهده الجم الغفير حتى كان ممن وقف عليه القاضي جمال الدين وصار الناس يجيئون لرؤيه أرسالاً إلى اشتهر أمره وعد ذلك من الآيات التي يعتبر بها من شرح الله صدره نسأل الله السلامة وحكى أيضاً أن محمد بن إبراهيم المؤذن حكى عنه إنه حمل ميتاً في أيام الحاج ولم يوجد من يساعده عليه غير شخص قال فحملناه ووضعناه في اللحد ثم ذهب الرجل وجئت أنا بالببن لأجل اللحد فلم أجد الميت في اللحد فذهبت وتركت القبر على حاله ونقل إن بعض الصلحاء ممن لم يمت بالمدينة رؤى في النوم وهو يقول للرائي سلم على أولادي وقل لهم إني قد حملت ودفنت بالبقيع عند قبر العباس فإذا أرادوا زيارتي فليقفوا هناك ويسلموا ويدعوا كذا في "المقاصد الحسنة للسخاوي" وفي الآية إشارة إلى أن الإنسان ما كان له أن يكفر لأن الله خلقه من نطفة الوجود المطلق وهيأه لمظهرية ذاته وصفاته وأسمائه ثم سهل عليه سبيل الظهور بمضاهر الأسماء الجمالية والجلالية ثم أماته عن أنانيته فأقبره في قبر الفناء عن رؤية الفناء ثم إذا شاء أنشره بصورة البقاء بعد الفناء فعلى العبد أن يعرف قدر النعمة ولا يظهر بالعجب والغرور بأن يدعى لنفسه ما كانمن الكمالات كالعلم والقدرة والإرادة ونحوها ﴿كَلا﴾ ردع للإنسان عما هو عليه وجعله السجاوندي بمعنى حقاً ولذا لم يقف لعيه بل على أمره فإنه إذا كان بمعنى حقاً يكون تابعاً لما بعده ﴿لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ﴾ قال في بعض التفاسير ما في لما صلة دخلت للتأكيد كقوله فبما رحمة من الله فلما بمعنى لم وليس فيه معنى التوقع وفي ما أمره موصولة وعائده يجوز أن يكون محذوفاً والتقدير ما أمره به فحذف الجار أو لا فبقي ما أمره هو ثم حذف الهاء العائد ثانياً ويجوز أن يكون باقياً على أن المحذوف من الهاءين هو العائد إلى الإنسان والباقي هو العائد إلى الموصول فعرف وقس عليه أمثاله أي لم يقض الإنسان ما أمره الله به من الإيمان والطاعة ولم يؤد ولم يعرف ولم يعمل به وعدم القضاء محمول على عموم النفي إما على أن المحكوم عليه هو المستغني أو هو الجنس لكن لا على الإطلاق بل على أن مصداق الحكم بعدم القضاء بعض أفراده وقد أسند إلى الكل فلا شياع في اللوم بحكم المجانسة وإما على إن مصداقه الكل من حيث هو كل بطريق رفع الإيجاب الكلي دون السلب لكلي فالمعنى لما يقض جميع أفراده ما أمره بل أخل به بعضها بالكفر والعصيان مع أن مقتضى ما فصل من فنون النعماء الشاملة للكل أن لا يتخلف عنه أحداً أصلاً.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٣٠
وكفته اند مراد همه آدميانند از آدم تاباين غايت وهركز هي آدمى از عهده حقوق اداي اوامر إلهي كما ينبغي بيرون نيايد ونتوان آمد.
بنده همان به كه زتقصير خويش
عذر بدر كاه خداي آورد
ورنه سزاوار خداوند يش
كس نتواندكه بجاي آورد


الصفحة التالية
Icon