ما كانت عليه على إن وسعة الدارين تابعة لكثرة أهلهما ووسعتهم لأنه ثبت إن ضرس الكافر مثل جبل أحد وجسمه مسيرة ثلاثة أيام فإذا كان جسد كل كافر على هذا الغلظ واعظم فاعتبر منه وسعة هنم فقرص الشمس في النار كجوزة في وسط بيت واسع ولا يعرف حد الدارين إلا الله تعالى وإذا النجوم} جمع نجم وهو الكوكب الطالع وبه شبه طلوع النبات والرأي فبقيل نجم النبت والرأي نجماً ونجوماً فالنجم اسم مرة ومصدر أخرى ﴿انكَدَرَتْ﴾ أي تناثرت وتساقطت بالسرعة كما قال وإذا الكواكب انتثرت والأصل في الانكدار الانصباب فإن السماء تمطر يومئذٍ نجومها فلا يبقى في السماء نجم إلا وقع على وجه الأرض وذلك إن النجوم على ما روى ابن عباس رضي الله عنهما، في قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور وتلك السلاسل بأيدي ملائكة من نور فإذا مات من في السموات ومن في الأرض تساقطت تلك الكواكب من أيديهم لأنه مات من يمسكها وفيه إشارة إلى طي ضوء شمس الروح الذي هو الحياة وقبضه عن البدن وإزالته وتناثر نجوم الحواص العشر الظاهرة والباطنة وأيضاً إلى تكوير الوجود الإضافي المنعكس من الوجود المطلق الحقيقي عند ظهور الحقيقة وإلى اضمحلال نجوم الهويات وهياكل الماهيات بحيث لا يبقى لها أثر لأنها نسب عدمية واعتبارات محضة ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾ رفعت عنه وجه الأرض وأبعدت عن أماكنها بالرجفة الحاصلة لا في الجو كالسحاب فإن ذلك بعد النفخة الثانية والسير المضي في الأرض والتسيير ضربان باختيار وإرادة من السائر نحو هو الذي يسيركم وبقهر وتسخير كتسيير الجبال وفيه إشارة إلى جبال الأعضاء والجوارح الراسيات سيرت عن أرض تعيناتها وأيضاً إلى جبال الأنواع والأجناس الواقعة في عالم التعينات ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ﴾ جمع عشراء كنفاس ونفساء وليس فعلاء يجمع على فعال غير عشراء ونفساء كما في "القاموس" والعشراء هي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر وهو اسمها إلى أن تضعلتمام السنة وهي أنفس أموال العرب ونمعظم أسباب معاشهم
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٤٣
﴿عُطِّلَتْ﴾ العطل فقد إن الزينة والشغل ويقال لمن يجعل العالم بزعمه فارغاً عن صانع اتقنه وزينه ورتبه معطل وعطل الدار عن ساكنيها والإبل عن راعيها والمعنى وإذا العشار تركت مسيبة مهملة غير منظور إليها مع كونها محبوبة مرغوبة عند أهلها لاشتغال أهلها بأنفسهم وذلك عند مجيء مقدمات قيام الساعة فإن الناس حينئذٍ يتركون الأموال والأملاك ويشتغلون بأنفسهم كما قال تعالى :﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ﴾ وقال الامام أبو الليث غيره هذا على وجه المثل لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء يعني إن هول القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراءلعطلها واشتغلبنفسه لعلهم جعلوا يوم القيامة ما بعد النفخة الثانية أو مبادي الساعة من القيامة لكن يمكن وجود العشراء في المبادي فلا يكون تمثلاً وفيه إشارة إلى النفوس الحاملات أحمال الأعمال والأحوال وأيضاً إلى تعطيل عشار الأرجل المنتفع بها في السير عن الاستعمال في المشي وترك الانتفاع بها وإذا الوحوش} قال في "القاموس" الوحش حيوان البر كالوحيش والجمع وحوش ووحشان والواحد وحشي قال ابن الشيخ
٣٤٤
هو اسم لما لا يتسأنس بالإنسان من حيوان البر والمكان الذي لا أنس فيه وحش وخلاف الوحشي الأهلي ﴿حُشِرَتْ﴾ أي جمعت من كل جانب واختلط بعضها ببعض وبالناس مع نفرة بعضها عن البعض وعن الناس أيضاً وتفرقها في الصحراى والقفار وذلك الجمع من هول ذلك اليوم وقيل بعثت للقصاص إظهاراً للعدل قال قتادة يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص فإذا قضى بينها ردت تراباً فلا يبقى منها إلا ما فيه سرور لبني آدم وإعجاب بصورته أو صورته كالطاووس والبلبل ونحوهما فإذا بعثت الحيوانات للقصاص تحقيقاً لمقتضى العدل فكيف يجوز مع هذا إن لا يحشر المكلفون نم الأنس والجن وفيه إشارة إلى القوى البشرية الطبيعية النافرة عن جناب الحق وباب القدس بأن أهلكت وأفنيت وجمعت إلى ما منه بدت ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ أي أحميت أو ملئت بتفجير بعضها إلى بعض حتى تعود بحراً واحداً مختلطاً عذبها بملحها وبالعكس فتعم الأرض كلها من سجر التنور إذا ملأه بالخطب ليحميه وجه الإحماء إن جهنم في قعور البحار إلا أنها الآن مطبقة لا يصل أثر حرارتها إلى ما فوقها من البحار ليتيسر انتفاع أهل الأرض بها فإذا انتهت مدة الدنيا يرفع الحجاب فيصل تأثير تلك النيران إلى البحار فتسخن فتصير حميماً لأهل النار أو تبعت عليها ريح الدبور تنفخها وتضربها فتصير نارا على ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما في وجه الإحماء.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٤٣