أي المدفونة حية يقال وأدبنته ئدها وإذا وهي موءودة إذا دفنها في القبر وهي حية وكانت العرب تئد البنات مخافة الإملاق أو الاسترقاق أو لحوق العار بهم من أجلهن وكانوا يقولون إن الملائكة بنات الله فألحقوا البنات به فهو أحق بهن قال في "الكشاف" كان الرجل إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية وإن أراد قتلها تركها حتى كانت سداسة أي بلغت ست سنين فيقول لامها طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها وقد حفر لها بئراً في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويهبل عليها التراب حتى يستوي البئر بالأرض وقيل كانت الحامل إذا قربت حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة فإذا ولدت بنتا رمت بها في الحفرة وإن ولد ابنا حبسته ﴿سُـاـاِلَتْ﴾ أي سألها الله بنفسه إظهاراً للعدالة أو بأمره للملك ﴿بِأَىِّ ذَنابٍ﴾ من الذنوب الموجبة للقتل عقلاً ونقلاً ﴿قُتِلَتْ﴾ قلها أبوها حية فعلاً أو رضى وتوحية السؤال إليها لتسليتها وإظهار كمال الغيظ والسخط لوائدها وإسقاطه عن درجة الخطاب والمبالغة في تبكيته كما في قوله تعالى :[الشعراء : ١٥٤]﴿ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَـاهَيْنِ﴾ ولذا لم يسأل الوائد عن موجب قتله لها وجه التبكيت إن المجني عليه إذا سئل بمحضر من الجانب ونسب إليه الجناية دون الجاني كان ذلك بعثاً للجاني على التفكر في حال نفسه وحال المجني عليه فيعثر على براءة ساحة صاحبه وعلى إنه هو المستحق لكل نكال فيفحم وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض وهو أبلغ فلذلك اختير على التصريح وإنا قيل قتلت على الغيبة لما إن الكلام أخبار عنها لا حكاية لما خوطبت به حين سئلت ليقال قتلت على الخطاب وعلى قراءة سألت أي الله أو قتلها لا حكاية لكلامها حين سئلت ليقال قتلت على الحكاية عن نفسها وعن ابن عباس رضي الله عنهما إنه سئل عن أطفال المشركين فقال لا يعذبون واحتج بهذه الآية فإنه ثبت بها إن التعذيب لاي ستحق إلا بالذنب وعن ابن مسعود رضي الله عنه، إن الوائدة والموءودة في النار أي إذا كانت الموءودة بالغة وفيه إشارة إلى أن الأعمال المشوبة بالرياء المخلوطة بالسمعة والهوى سئلت بأي سب أبطلت نوريتها وروحانيتها وأيضاً سئلت موءودة النفس الناطقة التي أثقلتها وآئدة النفس الحيوانية في قبر البدن وأهلكتها بأي ذنب قتلت أي طلب إظهار الذنب الذي به استولت النفس الحيوانية على الناطقة من الغضب أو الشهوة أو غيرهما فمنعتها عن خواصها وأفعالها وأهلكتها فأظهر فكنى عن طلب إظهاره بالسؤال ولهذا قال عليه السلام الوائدة والموءودة في النار لأن النفس الناطقة في النار مقارنة للنفس الحيوانية كذا قال القاشاني :
٢٢٢٢٢٢٢٢٢٢٢٢٢٢
٣٤٦
وإذا الصحف نشرت} أي صحف الأعمال فإنها تطوي عند الموت وتنشر عند الحساب أي تفتح فيعطاها الإنسان منشورة بأيمانهم وشمائلهم فيقف على ما فيها وتحصى عليه جميع أعماله فيقول مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وفي الحديث "يحشر الناس عراة حفاة" فقالت أم سلمة رضي الله عنها فكيف بالنساء فقال :"شغل النساء يا أم" سلمة قالت وما شغلهم قال :"نشر الصحف فيها مثاقيل الذرة ومثاقيل الخردل" وقيل : نشرت أي فرقت بين أصحابها وعن مرثد بن وادعة إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش فتقع صحيفة المؤمن في يده في جنة عالية وتقع صحيفة الكافر في يده في سموم وحميم أي مكتوب فيها ذلك وهي صحف غير صحف الأعمال وفيه إشارة إلى صحائف القوي والنفوس التي فيها هيئات الأعمال تطوي عند الموت وتكوير شمس الروح وتنشر عند البعث والعود إلى البدن ﴿وَإِذَا السَّمَآءُ كُشِطَتْ﴾ قلعت وأزيلت بحيث ظهر ما وراءها وهو الجنة والعرش كما يكبشط الإهاب عن الذيحة والغطاء عن الشيء المستور به.
قال الراغب : هو من كشط الناقة أي تنحية الجلد عنها منه استعير انكشط روعه أي زال وفيه إشارة إلى كشط سماء الأرواح عن أرض الأشباح وإلى طي ظهور الأسماء والصفات إلى البطون والخفاء ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ أي أوقدت للكافرين إيقاداً شديداً لتحرقهم إحراقاً أبدياً سعرها غضب الله وخطايا بني آدم فأسعار النار زيادة التهابها لا حدوثها ابتداء وبه يندفع احتجاج من قال النار غير مخلوقة الآن لأنها تدل على أن تسعرها معلق بيوم القيام وذلك لأن فيه الزيادة والاشتداد وفيه إشارة إلى جحيم الخسران والخذلان فإنها أوقدت بالحطاب الأعمال السيئة وأحجار الأحوال القبيحة خصوصاً نار لغضب والشهوة التي كانوا عليها في هذه النشأة ﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾ الأزلاف التقريب بالفارسية تزديك كردن.


الصفحة التالية
Icon