ونظيره بحثر لفظاً ومعنى يقال بعثرت المتاع وبحثرته أي جعلت أسفله أعلاه وجعل أسفل القبور أعلاها إنما هو بإخراج موتاها وقيل لسورة براءة المبعثرة لأنها بعثرت أسرار المنافقين وهما أي بعثر وبحثر مركبان من البعث والبحث مع راء ضمت إليهما.
وقال الراغب : من رأى تركيب الرباعي والخماس نحو هلل وبسمل إذا قال لا إله إلا الله وبسم الله يقول أن بعثرم ركب من بعث وأثير أي قلب ترابها وأثير ما فيها وهذا لا يبعد في هذا الحرف فإن البعثرة تتضمن معنى بعث وأثير وهذان من أشراط الساعة متعلقان بالسفليات فإنه تعالى بعد تخريب السماء والكواكب يخرب كل ما على وجه الأرض بنفوذ بعض البحار في بعض ثم يخرب نفس الأرض التي هي كالبناء بأن يقلبها ظهر ابطن وبطناً لظهر وفيه إشارة إلى راب قبور التعينات وصيرورة المتعين مطلقاً عن التعينات لأن التعينات قبو الحقائق المطلقة وإلى قبور الأبدان فإنها تخرج ما فيها من الأرواح والقوى بالموت ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ أي كل نفس برة كانت أو فاجرة كما سبق في السورة السابقة وفي "فتح الرحمن" نفس هنا اسم الجنس وأفرادها ليبين لذهن السامع حقارتها وقلتها وضعفها عن منفعة ذاتها إلا من رحم الله تعالى ﴿مَّا قَدَّمَتْ﴾ في حياتها من علم خير أو شر فإن ما من ألفاظ العموم ﴿وَأَخَّرَتْ﴾ من سنة حسنة أو سيئة يعلم با بعده قال عليه السلام : أيما داع دعا إلى الهدى فاتبع فله مثل أجر من اتبعه إلا أنه لا ينقص من أجورهم شيء وأيما داع دعا إلى الضلالة فاتبع فله مثل أوزار من اتبعه إلا أنه لا ينقص من أوزارهم شيء أو م دم من معصية وما أخر من طاعة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٥٥
وفي التأويلات النجمية : علمت نفس ما قدمت أخرجت من القوة إلى الفعل بطريق الأعمال الحسنة أو السيئة وما أخرت أبقت في لقوة بحسب النية قوله علمت الخ جواب إذاأمي إذا وقعت هذه الأشياء وخربت الدنيا علمت كل نفس الخ لكن لا على إنها تعلمه عند البعث بل عند نشر الصحف لما عرفت في السورة السابقة من أن المراد بها زمان واحد مبدأه النفخة الأولى ومنتهاه الفصل بين الخلائق لا أزمنة متعددة حسب تعدد كلمة إذا وإنما كررت لتهويل ما في حزيها من الدواهي فالمراد العلم التفصيلي الذي يحصل عند قراءة الكتب والمحاسبة وأما العلم الإجمالي فيحصل في أول زمان البعث والحشر لأن المطيع يرى آثار السعادة العاصي يرى آثار الشقاوة في أول الأمر قال ابن الشيخ في حواشيه العلم بجميع ذلك كناية عن المجازاة عليه والمقصود من الكلام الزجر عن المعصية والترغيب في الطاعة يا اأَيُّهَا الانسَـانُ} يعم جميع العصاة ولا خصوص له بالكفار لوقوعه بين المجمل ومفصله أي بي علمت نفس الخ وبين إن الأبرار الخ وأما قوله بل تكذبون بالدين فمن قبيل بنوا فلان قتلوا
٣٥٦


الصفحة التالية
Icon