من الاحتيال عند الإتزان تمكينهم منه عند الكيل والوزن.
كما قال في الكشاف كأن المطففين كانو لا يأخذون ما يكال ويوزن إلا بالمكاييل دون الوازين لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة لأنهم يزعزعون ويحتالون في الملىء وإذا أعطوا كالوا أو وزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين جميعاً انتهى ويؤيده الاقتصار على التطفيف في الكيل في الحديث المذكور سابقاً وعدم التعرض للمكيل والموزون في الصورتين لأن مساق الكلام لبيان سوء معاملتهم في الأخذ والإعطاء لا في خصوصية المأخوذ والمعطي قال أبو عثمان رحمه الله، حقيقة هذه الآية عندي هو من يحسن العبادة على رؤية الناس ويسيء إذا خلا.
وفي التأويلات النجمية : يشير إلى المقصرين في الطاعة والعبادة الطالبين كمال الرأفة والرحمة الذين يستوفون من الله مكيال أرزاقهم بالتمام ويكيلونه مكيال الطاعة والعبادة بالنقص والخسران ذلك هو الخسران المبين.
وقال القاشاني : يشير إلى التطفيف في الميزان الحقيقي الذي هو العدل والموزونات به هي الأخلاق والأعمال والمطففون هم الذين إذا اعتبروا كمالات أنفسهم متفضلين على الناس يستوفون أي يكثرونها ويزيدون على حقوقهم في إظهار الفضائل العلمية والعملية أكثر مما لهم عجباً وتكبراً وإذا اعتبروا كمالاً الناس بالنسبة إلى كمالاتهم اخسروا واستحقروها ولم يراعوا العدالة في الحالين لرعونة انقسم ومحبة التفضل على الناس كقوله يحبون إن يحمدوا بما لم يفعلوا.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٦٣
يقول الفقير : فيه إشارة إلى حال النفس القاصرة في التوحيد الحققي فإنها إذا أعطته الروح تخسره لنقصانها وقصورها فيه على إنه لا يدخل في الميزان إذ لا مقابل له فمن أدخله في الميزان فقد نقص شأنه وشأن نفسه أيضا وإما التوحيد الرسمي فهي تستوفيه من الروح لأنه حقها ولا نصيب سواء ﴿أَلا يَظُنُّ﴾ آيانمى ندارند ﴿أولئك﴾ المطففون الموصوفون بذلك الوصف الشنيع الهئال فقوله ألا ليست هي التي للتنبيه لأن ما بعد حرف التنبيه مثبت وهنا منفي لأن ألا التنبيهة إذا حذفت لا يختل المعنى نحو ألا إنهم لفي سكرتهم يعموهم وإذا حذفت ألا هذه اختل المعنى بل الهمزة الاستفهامية الإنكارية داخلة على لا النافية وجوز أن تكون للعرض والتحضيض على الظن ﴿أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ لا يقادر قدر عظمه وعظم ما فيه من الأهوال ومحاسبون فيه على مقدار الذرة والخردلة فإن من يظن ذلك وإن كان ظناً ضعيفاً في حد الشك والوهم لا يتجاسر على أمثال هاتيك القبائح فكيف بمن يتيقنه فذكر الظن للمبالغة في المنع عن التطفيف وإلا فالمؤمن لا يكفي له الظن في أمر البعث والمحاسبة بل لا بد من الاعتقاد الجازم ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ﴾ منصوب بإضمار أعنى ﴿لِرَبِّ الْعَـالَمِينَ﴾ بتقدير المضاف أي لمجرد أمره وحكمه بذلك لا لشيء آخر أو لمحاسبة رب العالمين فيظهر هناك تطفيفهم ومجازاتهم أو يقومون من قبورهم لرد رب العالمين أرواحهم إلى أجسادهم روى إنهم يقومون بين يدي الله تعالى أربعين عاماً وفي رواية ثلاثة سنة من سني الدنيا وعرق أحدهم إلى أنصاف أذنيه لا يأتيهم خبر ولا يؤمر فيهم بأمر.
وآن مقام هيبت باشدكه كس رازهره سخن نباشد
ثم يخاطبون يفني از مقام هيت بمقام محاسبه آرند
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٦٣
وأما في حق المؤمن فيكون المكت كقدر إنصرافهم من صلاة مكتوبة وفي تخصيص رب العالمين
٣٦٥


الصفحة التالية
Icon