ولطفه ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـابَهُ﴾ تكرير كتابه بدون الاكتفاء بالاضمار لتغاير الكتابين وتخالفهما بالاشتمال والحكم في المآل أي يؤتى كتاب عمله
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٧٥
﴿وَرَآءَ ظَهْرِهِ﴾ أي بشماله من وراء ظهره وجانبه ظرف لأوتى مستعمل في المكان.
وقال الكلبي : يغل يمينه ثم تلوي يده اليسرى من ورائه فيعطي كتابه بشماله وهي خلف ظهره فلا مخالفة بين هذا وبين ما في الحاقة حيث لم يذكر فيها الظهر بل اكتفى بالشمال قال الامام ويحتمل أن يكون بعضهم يعطي كتابه بشماله وبعضهم من وراء ظهره وفي تفسير الفاتحة للفناري رحمه الله، وأما من أوتى كتابه بشماله وهو المنافق فإن الكافر لا كتاب له أي لأن كفره يكفيه في المؤاخذة فلا حاجة إلى الكتاب من حيث إنهم لسيوا بمكلفين بالفروع وإما من أوتى كتابه وراء ظهره فهم الذين أوتوا الكتاب فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فإذا كان يوم القيامة قيل له خذه من راء ظهرك أي من الموضع الذي نبذته فيه في حياتك الدنيا فهو كتابه المنزل عليه لا كتاب الأعمال فإنه حين نبذه وراء ظهره ظن أن لن يحور وقال أبو الليث في "البستان" : اختلف الناس في الكفار هل يكون عليهم حفظة أولاً قال بعضهم لاي كون عليهم حفظة لأن أمرهم ظاهر وعملهم واحد وقال الله تعالى يعرف المجرمون بسيماهم ولا نأخذ بهذا القول بل يكون للكفار حفظة والآية نزلت بذكر الحفظة في شأن الكفار ألا ترى إلى قوله تعالى :[الانفطار : ٩-١١]﴿بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَـافِظِينَ * كِرَامًا كَـاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ وقال في آية أخرى وإما من أوتى كتابه بشماله وإما م أوتى كتابه وراء ظهره فأخبر أن الكفاريكون لهم كتاب وحفظة فإن قيل : فالذي يكتب عن يمينه إذا أي شيء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقالله الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهداً على ذلك وإن لم يكتب فسوف يدعو} س زود باشدكه بخواند.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٧٥
أي بعد مدة منتهية عذاب شديد لا يطاق عليه ﴿ثُبُورًا﴾ أي يتمنى لنفسه الثبور وهو الهلاك ويدعوه يا ثبوراه تعال فهذا أوانك وأني له ذلك يعني لما كان إيتاء الكتاب من غير يمينه علامة كونه من أهل النار كان كلامه واثبوراه قال الفراء تقول العرب فلان يدعو لفه إذا قال والهفاءقيل الثبور مشتق من المثابرة على الشيء وهو الماظبة عليه وسمى هلاك الآخرة ثبوراً لأنه لازم لا يزول.
كما قال تعالى :﴿لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا﴾ وادعوا ثبوراً كثيراً قال في كشف الأسرار يربو على سياه وقتى در بازار ميرفت سائلي ميكفت بحق روز بزرك كه مرايزى بدهيد يراز هوش برفت ون بهوش باز آمداورا كفتنداي شيخ ترا اين ساعت ه روى نمود كفت هيبت وعظمت آن روز بزرك آنكه كفت واحزناه على قلة الحزن واحسرتاه على قلة التحسر يعني وا اندوهاي آزبى آند وهي واحسرتا آزبى حسرتي ويصلي سعيرا} أي يدخلها ويقاسي حرها وعذابها من غير حائل وهذا يدل على أن دعاءهم بالثبور قبل الصلى وبه صرح الامام وأما قوله تعالى :[النساء : ٢٥-١٤]﴿أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾ فيدل على أنه بعده ولا منافاة في الجمع فإنهم يدعونه أولاً وآخراً بل دائماً على أن الواو لمطلق الجمع لا للترتيب وفيه إشارة إلى صاحب كتاب الاستعداد الفطري المكتوب في ديوان الأزل بقلم كتبة الأسماء الجلالية فإنه يتمنى أن يكن في الدنيا فانياً في الحق وهالكاً عن أنيته ويصلي نار الرياضة
٣٧٨
والمجاهدة وراء ظهره من الجزاء الوفاق لأنه خالف أمر ربه في قوله وليس البر بأن تأتو البيوت من ظهورها أي من غير مدخلها بمحافظة ظواهر الأعمال من غير رعاية حقوق بواطنها بتقوى الأحوال فسبب الوصول إلى حضرة الربوبية والدخل فيها هو التقوى وهو اسم جامع لكل بر من أعمال الظاهر وأحوال الباطن والقيام باتباع الموافقات واجتناب المخالفات.
وقال القاشاني : وأما من أوتى كتابه وراء ظهره أي جهته التي تلي الظلمة من الروح الحيواني والجسد فإن وجه الإنسان جهته التي إلى الحق وخلفه جهته التي إلى البدن الظلماني بأن رد إلى الظلمات في صور الحيوانات فسوف يدعو ثبوراً لكونه في ورطة هلاك الروح وعذاب الأبد ويصلي سعير نار الآثار في مهاوي الطبيعة إنه} أي لأن فالجملة استئناف لبيان علة ما قبلها ﴿كَانَ﴾ في الدنيا ﴿فِى أَهْلِهِ﴾ فيما بين أهله وعشيرته أو معهم على أنهم جميعاً كانوا مسرورين كما يقال جاءني فلان في جماعة أي معهم ﴿مَسْرُورًا﴾ مترفاً بطراً مستبشراً يعني شادان ونازان بمال فإني وجاه نا يدار ومحجوب از منعم بنعم.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٧٥