يشير إلى أن الحريق بمعنى النار المحرقة كما قال في "المفردات" الحريق النار وكذا الحرق بالتحريك النار أو لهبها كما في "القاموس" وحرق الشيء إيقاع حرارة في الشيء من غير لهب كحرق الثوب بالدق والإحراق إيقاع نار ذات لهب ف يشيء ومنه استعير أحرقني بلومه إذا بالغ في أذيته بلوم يقول الفقير الظاهر أن لحريق هنا بمعنى المحرق كالأليم بمعنى المؤلم فيكون إضافة العذاب الحريق من قبيل إضافة الموصوف إلى صفته ويستفاد زيادة الإحراق من المقابلة فإن العطف من باب الترقي بحسب العذاب المترتب على الترقي من حيث العمل ﴿إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ﴾ على الإطلاق من المفتونين وغيرهم ﴿لَهُمْ﴾ بسبب ما ذكر من الإيمان والعمل الصالح الذي من جملته الصبر على أذى الكفار وإحراقهم وإيراد الفاء أولاف وتركها ثانياً يدل على جواز الأمرين ﴿جَنَّـاتٌ﴾ يجازون بها بمقابلة النار ونحوها ﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ﴾ يجازون بذلك بمقابلة الاحتراق والحرارة ونحو ذلك قال في "الإرشاد" أن أريد بالجنات الأشجار فجريان الأنهار من تحتها ظاهر وإن أريد بها الأرض المشتملة عليها فالتحتية باعتبار جريها الظاهر فإن أشجارها ساترة لساحتها كما يعرب عنه اسم الجنة ﴿ذَالِكَ﴾ المذكور العظيم الشان وهو حصول الجنان ﴿الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾ الذي تصغر عنده الدنيا وما فيها من فنون الرغائب بحذافيرها فالحصر إضافي قال في برهان القرآن ذلك مبتدأ والفوز خبره والكبير صفته وليس له في القرآن نظير والفوز النجاة من الشر والظفر بالخير فإن أشير بذلك إلى الجنت نفسها فهو مصدر أطلق على المفعول مبالغة وإلا فهو مصدر عى حاله قال الامام إنما قال ذلك الفوز ولم يقل تلك لدقيقة لطيفة وهي إن قوله ذلك إشارة إلى أخبار الله بحصور هذه الجنات ولو قال تلك لكانت الإشارة إلى نفس الجنات وأخبار الله عن ذلك يدل على كونه راضياً والفوز الكبير وهو رضي الله لا حصول الجنة يقول الفقير وعندي أن حصول الجنات هو الفوز الكبير وحصول رضي الله هو الفوز الأكبر كما قال تعالى : ورضوان من الله أكبر وإنما لم يقل تلك لأن نفس الجنات من حيث هي ليست بفوز وإنما الفوز حصولها ودخولها ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ استئناف خوطب به النبي عليه السلام إيذاناً بأن لكفار قومه نصيباً موفوراً من مضمونه كما ينبىء عنه التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة
٣٩١
إلى ضميره عليه السلام والبطش تناول الشيء بصولة والأخذ بعنف يقال يد باطشة وحيث وصف باشلدة فقد تضعف وتفاقم وهو بطشه بالجبابرة والظلمة وأخذه إياهم بالعذاب والانتقام وإن كان بعد إمهال فإنه عن حكمة لا عن عجز ﴿إِنَّه هُوَ﴾ وحده ﴿يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾ أي يبدىء الخلق ويخرجهم من العدم إلى الوجود ثم يميتهم ويعيدهم إحياء للمجازاة على الخير والشر من غير دخل الأحد في شيء منهما ففه مزيد تقدير لشدة بطش أو هو يبدىء البطش بالكفرة في الدنيا ويعيده في الآخرة يعني إشكاره كند بطش خودرا بركافران دردنيا وبازكرداندهم آنرا بديشان در آخرت واين نشانه عدلست.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٨٣