وفي التأويلات النجمية : الودود لمن يتوجه إليه بالمحبة على سنة من تقرب إلى شبرا تقربت إليه زراعاً فمن تقرب إليه بلمحبة تقرب إليه بالود لأن الود بت في أرض القلب من المحبة لاشتقاقه من الوتد انتهى.
قال في "القاموس" الود الوتد وقال الامام الغزالي رحمه الله الودود هو الذي يحب الخير الجميع الخلق فيحسن إليهم ويثنى عليهم وهو قريب من معنى الرحيم لكن الرحمة إضافة إلى المرحوم والمرحوم هو المحتاج والمضطر وأفعال الرحيم تستدعى مرحوماً ضعيفاً وأفعال الودود لا تستدعى ذلك بل الأنعام على سبيل الابتداء من نتائج الود كما إن معنى رحمته تعالى إرادته الخير للمرحوم وكفايته له وهو منزه عن رقة الرحمة فكذلك وده إرادته للكرامة والنعمة وهو منزه عن ميل المودة والودود من عباد الله من يريد لخلق الله كل ما يريده لنفسه وأعلى من ذلك من يؤثرهم على نفسه كمن قال منهم أريد أن أكون جسراً على النار يعبر على الخلق ولا يتأذون بها وكمال ذلك أن لاي منعه من الإيثار والإحسان الحقد والغضب وما يناله من الأذى كما قال عليه السلام حين كسرت رباعيته ودمى وجهه وضرب اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون فلم يمنعه سوء صنيعهم عن إراد الخير لهم وكما أمر عليه السلام علياً رضي الله عنه حيث قال إن أردت أن تسبق المقربين فصل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك وخاصية الاسم الودود ثبوت الوداد لا سيما بين الزوجين فمن قرأه ألف مر على طعام وأكله مع زوجته غلبتها محبته ولم يمكنها سوى طاعته وقد روى إنه اسم الله الأعظم في دعاء التاجر الذي قال فيه يا ودود يا ذا العرش المجيد يا مبدىء يا معيد أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك وبقدرتك التي قرت بها على جميع خلقك وبرحمتك التي وسعت كل شيء إلا إله إلا أنت يا مغي فثنى يا مغيث أثنى يا مغيث أغثنى الحديث قد ذكره غير واحد من الأئمة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٨٣
يقول الفقير : اذكر في السحر الأعلى يا ودود وذلك بلسان القلب فصدر مني بلا اختيار أن أقول يا رب اجعلني محيطاً فعرفت إن للاسم المذكور تأثيراً عظيماً في الإحاطة وذلك إن الودود بمعنى المحبوب ولا شك إن جميع الأسماء الهبة يود الاسم الأعظم ويميل إليه فالاسم الأعظم ودود بمعنى المفعول وغيره ودود بمعنى الفاعل فمن ذكره كان ودوداً بمعنى المودود فيحبه جميع المظاهر فيحصل له الإحاطة بأسرار جميع الأسماء ويصل إليه جميع التوجهات ﴿ذُو الْعَرْشِ﴾ خالقه وقيل المراد بالعرش الملك مجازاً أي ذو السلطنة القاهرة على المخلوقات السفلية والمخترعات العلوية وإن لم يكن على السرير ويقال ثل عرش فلان إذا ذهب سلطانه
٣٩٣
﴿الْمَجِيدُ﴾ هو الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه نواله فكان شرف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمى مجيداً وهو الماجد أيضاً ولكن أحدهما دل على المبالغة وكأنه يجمع من اسم الجليل واسم الوهاب والكريم قال في "القاموس" المجيد الفيع العال والكريم والشريف الفعال ومجده عظمه وأثنى عليه والعطاء كثره والتمجيد ذكر الصفات الحسنة وقرىء بالكسر صفة للعرش ومجد العرش علوه في الجهة وعظم مقداره وحسن صورته وتركيبه فإنه أحسن الأجسام تركيباً وصورة وفي الحديث :"ما الكرسي في جنب العرش إلا كحلقة ملقاة في الأرض فلاة" ف٥ا كان الكرسي كذلك مع سعته فما ظنك بسائر الإجرام اعلوية والسفلية قال سهل رحمه الله أظهر الله العرش إظهاراً للقدرة لا مكاناً للذات ولا احتياجاً إليه قال بعضهم : ومن العجب إن الله لو ملأ العرش مع تلك السعة من حبوب الذرة وخلق طيراً أكل حبة واحدة منها في ألف سنة لنفدت الحبوب ولا تنقطع مدة الآخرة ومع هذا لا يخاف بنوا آدم من عذاب تلك المدة ويضيعون أعمارهم في شيء حقير سريع الزوال وفيه إشارة إلى قلب العارف المستوى للرحمن كما جاء في الحديث "قلب العارف عرش الله" ومجده هو أنه ما وسع ذلك الواسع المجيد غيره وخاصية هذا الاسم تحصيل الجلالة والمجد والطهارة ظاهراً وباطناً حتى في عالم الأبدان والصور فلقد قالوا إذا صام الأبرص أياماً وقرأه كل ليلة عند الافطار كثيراً فإنه يبرأ بإذن الله تعالى إما بلا سبب أو بسبب يفتح الله له به ﴿فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ بحيث لا يتخلف عن إرادته مراد من أفعاله تعالى وأفعال غيره فيكون دليلاً لأهل الحق على إنه لا يتخلف شيء عن إرادته وهو خبر مبتدأ محذوف وإنما قال فعال مبالغ فاعل لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة من الإحياء والإماتة والإعزاز والإذلال والإغناء والإقتار والشفاء والأمراض والتقريب والتبعيد والعمارة والتخريب والوصل والفرق والكشف والحجاب إلى غير ذلك من شؤونه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٨٣