والضمير لبعض صناديد قريش الذين كان عليه السلام، يكابد منهم أكثر مما يكابد من غيرهم كالوليد بن المغيرة وإضرابه ﴿أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾ إن مخففة من الثقيلة سادة مع اسمها مسد مفعولي الحسبان أي يحسب إن الأمر والشأن لن يقدر على انتقام منه أحد فحسبانه الناشيء عن غلظ الحجاب ومرض القلب فاسد لأن الله الأحد يقدر عليه وهو عزيز ذو انتقام ﴿يَقُولُ﴾ ذلك الظان على سبيل الرعونة والخيلاء ﴿أَهْلَكْتُ﴾ أنفقت كقول العرب خسرت عليه كذا إذا أنفق عليه ﴿مَالا لُّبَدًا﴾ أي كثيراً متلبداً من تلبد الشيء إذا اجتمع يريد كثرة ما أنفقه سمعة ومفاخرة وكان أهل الجاهلية يسمون مثل ذلك مكارم ويدعونه معالي ومفاخر وفي لفظ الإهلاك إشارة إلى أنه ضائع في الحقيقة إذ لا ينتفع به صاحبه في الآخرة ما قالت عائشة رضي الله عنها في حق عبد الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه يا رسول الله فقال عليه السلام : لا ينفعه لأنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ﴿أَيَحْسَبُ﴾ ذلك الأحمق المباهي ﴿إِنَّ﴾ أي إن الشأن ﴿لَّمْ يَرَه أَحَدٌ﴾ حين كان ينفق وإنه تعالى لا يسأله عنه ولا يجازيه عليه يعني إن الله رآه واطلع على خبث نيته وفساد سريرته وإنه مجازيه عليه فمثل ذلك الانفاق وهو ما كان بطريق المباهاة رذيلة فكيف يعده الجاهل فضيلة وفي الحديث لا تزول قدماً العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه وعن ماله من أين كسبه وفيم أنفقه وعن عمله ماذا عمل وعن حبه أهل البيت ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّه عَيْنَيْنِ﴾ يبصر بهما عالم الملك من الأرض إلى السماء حتى يشاهد بهما في طرفة عين النجوم العلوية التي بينه وبينها عدة آلاف سنة ويفرق بهما بين ما يضر وما ينفع وبهما يحصل شرف النظر إلى وجه العالم وإلى المصحف وإلى الشواهد قال في أسئلة الحكم العين
٤٣٥
نحرس ابدن من الآفات وهي نيرة كالمرءآة إذ قابلها شيء ارتسمت صورته فيها مع صغر الناظر وهو الحدقة التي هي شحمة وجعل الله اعين سريعة الحركة وجعل لها أجفاناً تسترها وأهداباً من الشعر كجناح الطائر تطرد بانضمامها وابنفتاحها الذباب والهوام عن العين وجل العين في الرأس لأن السراج يوضع على رأس المنار وجعلها ثنتين كالشمس والقمر فإنهما عينا التعين الدنيوي وجعل فوقهما حاجبين أسودين لئلا يتضرر البصر بالضياء ولأن الذي ينظر في السواد إلى البياض يكون أحد نظراً ولذلك جعلت الحدقة سوداء وإهداب العين شعراً أسود لأن السواد يقوي البصر ولما بنى ذو القرنين الاسكندرية رخمها بالرخام الأبض جدرها وأرضها فكان لباسهم فيها السواد من نصوع بياض الرخام فمن ذلك لبس الرهبان السواد فإن النظر إلى الأبيض يفرق البصر ويضعفه ولذا قال عليه السلام في الأثمد إنه يقوي البصر وجعل الحدقة محركة في مكانها لتتحرك إلى الجهات يمنة ويسرة فيبصر بها من غير أن يلوي عنقه وجعل النظارين جميعاً على خط مستقيم عرضاً ولم يقع واحد منهما أعلى وإلا اخفض ليجتمع الناظران على شيء واحد لئلا يترا أي له الشخص الواحد شخصين وفي العينين إشارة إلى العين الظاهرة والعين الباطنة فينبغي أن يحافظ على كلتيهما فإن نظر عينين أتم من نظر عين واحدة و
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٣٣


الصفحة التالية
Icon