منصوب بكذبت أو بالطغوى أي حين قام أشقى ثمود وهو قدار بن سالف امتثالا لأمر من بعثه إليه فإن انبعث مطاوع لبعث يقال بعثت فلاناً على أمر فانبعث له
٤٤٥
وامتثل قال في "كشف الأسرار" الانبعاث الإسراع في الطاعة للباعث أو حين قام قدار ومن تصدى معه لعقر الناقة من الأشقياء فإن أفعل التفضيل إذا أضيف يصلح للواحد والمتعدد والمذكر والمؤنث ويدل على الأول قوله تعالى في سورة القمر فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر فإنه يدل على أن المباشر واحد معين وفضل شقاوتهم على من عداهم مباشرتهم العقر مع اشتراك الكل في الرضى به ﴿فَقَالَ لَهُمْ﴾ أي لثمود ﴿رَسُولُ اللَّهِ﴾ لما علم ما عزموا عليه وهو صالح عليه السلام ابن عبيد بن جابر بن ثمود بن عوص بن أرم فالإضافة للعهد عبر عنه بعنوان الرسالة إيذاناً بوجواب طاعته وبياناًلغاية عتوهم وتماديهم في الطغيان ﴿نَاقَةَ اللَّهِ﴾ منصوب على التحذير وإن لم يكن من الصور التي يجب فيها حذف العامل والناقة بالفارسية اشتر ماده أضيفت إليه تعالى للشريف كبيت الله أي ذروا ناقة الله الدالة على وحدانيته وكمال قدرته وعلى نبوتي واحذروا عقرها ﴿وَسُقْيَاهَا﴾ يعني شربها وهو نصيبها من الماء ولا تطردوها عنه في نوبتها فإنها كان لها شرب يوم معلوم ولهم ولمواشيهم شرب يوم آخر وكانوا يستضرون بذلك في مواشيهم فهموا بعقرها ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ أي رسول الله في وعيده بقوله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب ﴿فَعَقَرُوهَا﴾ أي الأشقى والجمع على تقدير وحدته لرضى الكل بفعله قال السهيلي العاقر قدار بن سالف وأمه قديرة وصاحبه الذي شاركه في عقر الناقة اسمه مصدع بن وهراوا بن جهم والعقر النحر وقدم التكذيب على العقر لأنه كان سبب العقر وفي الحديث قال عليه السلام لعلي يا علي أتدري من أشقى الأولين قال الله رسوله أعلم قال عاقر الناقة قال أتدري من أشقى الآخرين قال الله ورسوله أعلم قال قتلك وذلك الناقة إشارة إلى ناقة الروح فكما أن عقرها بالظلمة النفسانية والشهوات الحيوانية من مزيد شقاوة النفس فكذا قتل علي رضي الله عنه فإنه كان مظهراً لروحانية نبينا عليه السلام ولذا كان وارثه الأكبر في مقام الحقيقة فالقصد إلى علي الولي رضي الله عنه قصد إلى محمد النبي عليه السلام ولا شقاوة فوق الشقاوة من قابل مظهر الرحمة الكلية بالغضب وانتقام ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم﴾ فأطبق عليم العذاب وهو الصيحة الهائلة وهو من تكرير قولهم ناقة مدمومة إذا طلبت بالشحم وأحيطت بحيث لم يبق منها شيء لم يمسه الشحم ودم الشيء سده بالقير ودممت على القبر وغيره إذا أطبقت عليه ثم كررت الدال للمبالغة في الإحاطة فالدمدمة من الدمدم كالكبكة من الكب قال في "كشف الأسرار" تقول العرب دممت على فلان ثم تقول من المبالغة دممت بالتشديد ثم تقول من تشديد المبالغة دمددمت والتركيب يدل على غشيان الشيء الشيء ﴿بِذَنابِهِمْ﴾ أي بسب ذنبهم المحكى والتصريح بذلك مع دلالة الفاء عليه للإنذار بعاقبة الذنب ليعتبر به كل مذنب ﴿فَسَوَّااهَا﴾ أي الدمدمة والإهلاك بينهم لم يفلت منهم أحد من صغير وكبير أو فسوى ثمود بالأرض.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٤٠
روى) أنهم لما رأوا علامات العذاب طلبوا صالحاً عليه السلام أن يقتلوه فأنجاه الله كما قال في سورة هود فلما جاء أمرنا نجينا صالحاً والذين آمنوا معه برحمة منا ﴿وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ الواو للاستئناف أو للحال من المنوى في فسواها الراجع إلى الله تعالى أي فسواها الله غير خائف عاقبة الدمدمة
٤٤٦
وتبعتها أو عاقبة هلاك ثمود كما يخاف سائر المعاقبين من الملوك والولاة فيترحم بعض الترحم وذلك أن الله تعالى لا يفعل إلا بحق وكل من فعل بحق فإنه لا يخاف عاقبة ولا يبالي بعاقبة ما صنع وإن كان من شأنه الخوف وقال بعضهم : ولا يخاف هواي قدار ولا هم ما يعقب عقرها ويتبعه وما يترتب عليه من أنواع البلاء والمصيبة والعقاب مع أن صالحاً عليه السلام قد أخبرهم بها.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٤٠
سورة الليل
إحدى وعشرون آية مكية وقيل فيها مكي ومدني
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٤٦
﴿وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ إذا للحال لكونها بعد القسم كما مر في السورة السابقة أي اقسم بالليل حين يغشى الشمس ويغطيها ويسترها كقوله والليل إذا يغشاها فعدم ذكر المفعول للعلم به أو النهار أو كل ما يواريه بظلامه فعدم ذكر المفعول للتعميم والليل عند أهل النجوم ما بين غروب الشمس وطلوعها وعند أهل الشرع ما بين غروبها وطلوع الفجر الصادق لعله المراد هنا والنهار ما يقابله.