ومناسبة بحال المقسم لأجله وصلاة الضحى سنة بالاتفاق ووقتها إذا علت الشمس إلى قبيل وقت الزوال وهي عند أبي حنيفة ركعتان أو أربع بتسليمة وعند ملك لا تنحصر وعند الشافعي وأحمد أقلها ركعتان واختلف في أكثرها فقال الشافعي ثنتا عشرة وقال أحمد ثمان وهو الذي عليه الأكثرون من أصحاب الشافعي وصححه النووي في التحقيق وقد صح إن النبي عليه اسلام صلى صلاة الضحى يوم فتح مكة ثماني ركعات وهو في بيت أم هانىء وكان يصلي صلاة الضحى قبل ذلك أيضاف والليل} أي وجنس الليل قال ابن خالويه هو نسق على الضحى لا قسم لأنه يصلح أن يقع في موضع الواو ثم أو الفاء بأن يقال ثم الليل مثلاً وثم لا يكون قسماً ﴿إِذَا سَجَى﴾ أي سكن أهله على المجاز من قبيل إسناد الفعل إلى زمانه أو ركد ظلامه واستقر وتناهى فلا يزداد بعد ذلك يعني أن سكون ظلامه عبارة عن عدم تغيره بالاشتداد والتنزل وذلك حين اشتد ظلامه وكمل فيصتقر زماناً ثم يشرع في التنزل فإسناد سكون الظلمة الكائنة إليه مجاز أيضاً يقال سجا البحر سجوا إذا سكنت أمواجه وليلة ساجية ساكنة الريح وقيل معناه سكون الناس والأصوات وعن جعفر الصادق رضيعنه أن المراد بالضحى هو الضحى الذي كلم الله فيه موسى وبالليل ليلة المعراج.
وصاحب كشف الأسرار كفته مراد از روز وشب كشف وحجا بست كه نشانه نسيم لطف وسموم قهر بود وعلامه أنوار جمال وإاثر جلال.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٥٢
كما قال الجنيد قدس سره والضحى مقام الشهود والليل إذا سجا مقام الغبن الذي قال عليه السلام فيه إنه ليغان على قلبي.
يا اشارتست بروشنى وروى حضرت مصطفى عليه السلام وكنايتست از سباهى موى وى.
والضحى رمزي زروي همو ماه مصطفى
معنى والليل كيسوى سيه مصطفى
وتقديم الليل في السورة المتقدمة باعتبار الأصل لأن النهار إنما يحدث بطلوع النير وبغروبه يعود الهواء إلى حالته الأصلية ولذا قدم الظلمة في قوله وجعل الظلمات والنور وتقديم النهار باعتبار الشرف الذاتي والعارضي فإن قيل ما السبب فإنه ذكر الضحى وهو ساعة من النهار وذكر الليل بكليته أجيب بأنه وإن كان ساعة من النهار لكنه يوازي جميع الليل كما إن محمداً عليه السلام يوازي جميع الأنبياء عليهم السلام وبأن النهار وقت السرور والراحة والليل وقت الوحشة والغم فهو إشارة إلى هموم الدنيا أكثر من سرورها فإن الضحى ساعة والليل له ساعات.
(روى) إن الله تعالى لما خلق العرش أظلت غمامة سوداء عن يساره ونادت ماذا أمطر فأجيبت أن أمطري الهموم والأحزان مائة سنة ثم انكشفت فأمرت مرة أخرى بذلك وهكذا إلى تمام ثلاثمائة سنة ثم بعد ذلك أظلت عن يمين العرش غمامة بضاء ونادت ما أمطر فأجيبت أن أمطري السرور ساعة فلهذا السب ترى الغموم والأحزان دائمة كثيرة والسرور قليلاً ونادراً ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ جواب القسم والتوديع مبالغة في الوداع وهو الترك لأن من ودعك مفارقاً فقد بالغ في تركك والودع هو الإعلام
٤٥٣
بالفراق.
وقال الراغب أصل التوديع من الدعة وهو أن يدعو للمسافر بأن يتحمل الله عنه كآية السفر وإن يبلغه الدعة والخفض كما أن التسليم دعاء له بالسلامة فصار ذلك متعارفاً في تشييع المسافر وتركه وعبر به عن الترك في الآية والمعنى ما قطعك قطع المودع وما تركك بالحط عن درجة الوحي والقرب والكرامة فيه استعارة تبعية وإشارة إلى أن الرب لا يترك المربوب ﴿وَمَا قَلَى﴾ أي وما أبغضك والأبغاض دشمن داشتن.
والقرى شدة البغض يقال فلا زيداً يقلوه أبغضه من القلو وهو الرمي كما يقال قلت الناقة براكبها رمت به فكان المقلو هو الذي يقذفه القلب من بغضه فلا يقبله وقلاه وقليه يقليه ويقلاه أبغضه وكرهه غاية الكراهة فتركه أو قلاه في الهجر وقليه في البغض كما في "القاموس" فمن جعله من اليائي فمن قليت البسر والسويق على المقلى كما في "المفردات" ولعل عطف وما قلى من عطف السبب على المسبب لإفادة التعليل وحذفت الكاف من قلاك لدلالة الكلام عليه ولمراعاة الفواصل.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٥٢


الصفحة التالية
Icon