وفي الحديث أشفع لأمتي حتى ينادي لي أرضيت يا محمد فأقول رب قد رضيت وقال الفهري : ومما يرضيه فيه بعد إخراج كل مؤمن إن لا يسوءه في أمه وأبيه وإن منع الاستغفار لهما وأذن له في زيارة قبرهما في وقت دون وقت لأنهما من أهل الفترة وقال سبحانه :﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ ومن لم يقنعه هذا فحط المؤمن منهما الوقف فيهما وإن لا يحكم عليهما بنار إلا بنص كتاب أو سنة أو إجماع الأمة بخلاف ما ثبت في عمه أبي طالب انتهى.
كلامه في التفسير المسمى بفتح الرحم وقال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر أقمت بمدينة قرطبة بمشهد فأراني الله أعيان رسله من لدن آدم إلى نبينا عليه وعليهم السلام فخاطبني منهم هود عليه السلام
٤٥٥
وأخبرني بسبب جمعيته وهو أنهم اجتمعوا شفعاء للحلاج إلى نبينا محمد عليه السلام، وذلك إنه كان قد أساء الأدب بأن قال في حياته الدنيوية إن رسول الله همته دون منصبه قيل له ولم ذلك قال لأن الله تعالى قال ولسوف يعيك ربك فترضى فكان من حقه إن لا يرضى إلا أن يقبل الله شفاعته في كل كافر ونؤمن لكنه ما قال إلا شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فلما صدر منه هذا القول جاءه رسول الله في واقعته وقال له يا منصور أنت الذي أنكرت على في الشفاعة فقال يا رسول الله قد كان ذلك قال ألم تسمع إني قد حكيت عن ربي عز وجل إذا أحببت عبداً كنت له سمعاً وبصراً ولساناً ويداً فقال : بلى يا رسول الله قال : فإذا كنت حبيب الله كان هو لساني القائل فإذا هو الشافع والمشفوع إليه وأنا عدم في وجوده فأي عتاب علي يا منصور، فقال يا رسول الله أنا تائبم ن قولي هذا فما كفارة ذنبي قال : قرب نفسك ا قرباناً قال فكيف قال اقتل نفسك بسيف شريعتي فكان من أمره ما كان ثم قال هود عليه السلام وهو من حيث فارق الدنيا محجوب عن رسول الله والآن هذه الجمعية لأجل الشفاعة له إليه وكانت المدة بين مفارقته الدنيا وبين الجمعية المذكورة أكثر من ثلاثمائة سنة قال بعض العارفين الحقيقة المحمدية أصل مادة كل حقيقة ظهرت ومظهرها أصل مادة كل حقيقة تكونت وإليه يرجع الأمر كله قال تعالى : ولسوف يرضى ولا يكون رضاه إلا بعود ما تفرق منه إليه فأهل الجمال يجتمعون عند جماله وأهل الجلال يجتمعون عند جلاله وقال ابن عطاء قدس سره كأنه يقول لنبيه افترضي بالعطاء عوضاً عن المعطي فيقول لا فقيل له وإنك لعلى خلق عظيم أي على همة جليلة إذ لم يؤثر فيك شيء من الأكوان ولا يرضيك شيء منها وقان بعضهم كم بين من يتكلف ليرضى ربه وبين من عطيه ربه ليرضى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٥٢
وقال القاشاني : ولسوف يعطيك ربك الوجود الحقاني لهداية الخلق والدعوة إلى الحق بعد الفناء الصرف فترضى به حيث ما رضيت بالوجود البشري والرضى لا يكون إلا حال الوجود.
وفي التأويلات النجمية : أي يظهر عليك بالفعل ما في قوة استعداداك من أنواع الكمالات الذاتية وأصناف الكرامات الصفاتية والإسمائية ألم يجدك يتيماً} مات أبواك ﴿فَـاَاوَى﴾ جواب ألم أونسق قاله ابن خالويه أي قد وجدك ربك والوجود بمعنى العلم ويتيماً مفعوله الثاني أي ألم يعلمك الله يتيماً فجعل لك مأوى تأوى إليه يقال أوى فلان إلى منزله يأوى أو يا علي فعول رجع ولجأ وآويته أنا إيواء والمأوى كل مكان يأوى إليه شيء ليلاً أو نهاراً أي يرجع وينزل ويجوز أن يكون الوجود بمعنى المصادفة ويتيماً حال من مفعوله يعني على المجاز بأن يجعل تعلق العلم الوقوعي الحالي مصادفة وإلا فحقيقة المصادفة لا تمكن في حقه تعالى.
(روى) أن أباه عبد الله ابن عبد المطلب مات وهو عليه السلام جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمه وهو بن ثمان سنين فكفله عمه أبو طالب وعطفه الله عليه فأحسن تربيته وذلك إيواؤه.
وقال بعضهم : لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان مع جده عبد المطلب ومع أمه آمنة فهلكت أمه آمنة وهو ابن ست سنين ثم مات جده بعد أمه بسنتين ورسول الله ابن ثمان سنين ولما شرف جده عبد المطلب على الموت أوصى به عليه السلام أبا طالب لأن عبد الله وأبا طلب كانا من أم واحدة فكان أبو طالب هو الذي تكفل
٤٥٦
رسول الله إلى أن بعثه الله للنبوة فقام بنصره مدة مديدة ثم توفى أبو طالب فنال المشركون منه عليه السلام، ما لم ينالوا في زمان أبي طالب أي آذوه وكان عليه السلام يقول كنت يتيماً في الصغر وغريباً في الكبر وكان يحب الأيتام ويحسن إليهم وفي الحديث من ضم يتيماً وكان في نفقة وكفاه مؤونته كان له حجاباً من النار ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة وإنما جعله الله يتيماً لئلا يسبق على قلب بشر إن اذي نال من العز الشرف والاستيلاء كان عن تظاهر نسب أو توارث مال أو نحو ذلك.
وفي التأويلات النجمية ؛ ألم يجدك يتيماً أي رآك يتيماً فآواك إلى صدف النبوة ومشكاة الولاية.
بس كه غواص قدم درتك درياي عدم.
غوطه زد تا بكف آورد نين دريتيم.