ودر بحر الحقائق آورده كي بزبان اشارت قسم است بشجره تينيه قلبية كه مثمر ثمره علوم دينيه است وشجره زيتونه مباركه سريه كه روشنى بخش مصباح دلست وطور سينين روح معلى كه بتجلى الهي مجلى است وبلد أمين خفى كه محل أمن وأمانست ازهجوم آفات تعلقات أكوان.
يقول الفقير أشار بالتين إلى علوم الحقيقة التي محلها السر الإنساني لأنها لذة صرفة ولذا قدمت لأنها المطلب الأعلى لتعلقها بذات الله وصفاته وأفعاله وكما أن عمر شجرة التين قصير بالنسبة إلى الزيتون فكذا عمر أهل الحقيقة غالبا إذ لا معنى للبقاء في الدار الفانية بعد حصول المقصود الذي هو الحياة الباقية إلا أن يكون لإرشاد الناس وأشار بالزيتون إلى علوم الشريعة التي محلها النفس الإنسانية هي ليست بنعيم محض لأنه لا بد في الشريعة من اتعاب النفس والقالب وأشار بطور سينين إلى روح الذي هو محل المعارف الإلهية ومقام المناجاة وأشار بالبلد الأمين إلى مكة الوجود المشتملة على بيت القلب فإنه أمن أهلها من اختطاف
٤٦٧
الشياطين ودخول شر الوسواس الخناس فيها وإلى الأعمال القالبية الحاصلة بالحواس والأعضاء فالقالب أخذ الشرف من القلب وهو من الروح وهو من السر فلذا كان الكل جديداً بالأقسام به لقد خلقنا الإنسان} أي جنس الإنسان ﴿فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ يقال قام انتصب وقام الأمر اعتدل كاستقام وقومته عدلته كما في "القاموس" والتقويم تصيير الشيء على ما ينبغي أن يكون عليه في التأليف والتعديل وعن يحيى بن أكثم القاضي أنه فسر التقويم بحسن الصورة فإنه حكى أن ملك زمانه خلا بزوجته في ليلة مقمرة فقال لها إن لم تكوني أحسن من القمر فأنت كذا فافتى الكل بالحنث إلا يحيى بن أكثم، قال لا يحنث فقالوا خالفت شيوخك فقال الفتوى بالعلم ولقد أفتى من هو أعلم منا وهو الله تعالى قال لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم فالإنسان أحسن الأشياء ولا شيء أحسن منه وفي "المفردات" هو إشارة إلى ما خص به الإنسان من بين الحيوان من العقل ولفهم وانتصاب القامة الدال على استيلائه على كل ما في هذا العالم والمعنى كائناً في أحسن ما يكون من التقويم والتعديل صورة ومعنى حيث يراه تعالى مستوى القامة متناسب الأعضاء حسن الشكل كما قال وصوركم فأحسن صوركم أي صوركم أحسن تصوير وكذا خلقه متصفاً بالصفات الإلهية من الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام التي هي الصورة الحقيقية الإلهية المشار إليها بقوله عليه السلام :"خلق الله آدم على صورته وعليه يدور" معنى قوله عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه فالإنسان مظهر الجلال والجمال والكمال ﴿ثُمَّ رَدَدْنَـاهُ أَسْفَلَ سَـافِلِينَ﴾ أي جعلناه من أهل النار الذي هو أقبح من كل قبيح وأسفل من كل سافل لعدم جريانه على موجب ما خلقناه عليه من الصفات التي لو عمل بمقتضاها لكان في أعلى عليين والحاصل إنه حول بسوء حاله من أحسن تقويم إلى أقبح تقويم صورة ومعنى لأن مسخ الظاهر إنما هو من مسخ الباطن فالمراد بالسافلين عصاة المؤمنين وأفعل التفضييل هنا يتنول التعدد المتفاوت وأسفل سافلين إما حال من المفعول أي رددناه حال كونه أسفل سافلين أو صفة لمكان محذوف أي رددناه إلى مكان هو أسفل أمكنة السافلين والأول أظهر ثم هذا بحسب بعض الأفراد الإنسانية لانماسهم في بحر الشهوات الحيوانية البهيمية وإنهماكهم في ظلمات اللذات الجسمانية الشيطانية والسبعية وفيه إشارة إلى أن الاعتبار إنما هو بالصورة الباطنة لا بالصورة الظاهرة ولذا قال الشيخ سعدى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٦٦
ره راست بايدنه بالاي راست
كه كافرهم ازروى صورت وماست
فكم من مصور على أحسن الصور في الظاهر وهو في الباطن على أقبح الهيئات ولذا يجيء الناس يوم القيامة أفواجاً فإن صفاتهم الباطنة تظهر على صورهم الظاهرة فتتنوع صورهم بحسب صفاتهم على أنواع وقيل رددناه إلى أرذل العمر وهو الهرم بعد الشباب والضعف بعد القوة كقوله تعالى :﴿وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ﴾ أي نكسناه في خلقه فتقوس ظهره بعد اعتداله وأبيض شعره بعد سواده وكل سمعه وبصره وتغير كل شيء منه.
٤٦٨
دورسته درم دردهن داشت جاي
وديوارى ازخشت سميين باي
كنونم نكه كن بوقت سخن
بيفتاده يك يك و سوركهن
مراهمنين جعد شبرنك بود
قبا در براز نازكى تنك بود
درين غايتم رشد بايد كفن
كه مويم ونيه است ودوكم بدن