ومكث عليه السلام مدة لا يرى جبريل وإنما كان كذلك ليذهب عنه ما كان يجده من الرعب وليحصل له التشوق إلى العود وكانت مدة الفترة أي فترة الوحي بين اقرأ وبين يا أيها المدثر وتوفي ورقة في هذه الفترة دفن بالحجون وقد آمن به عليه السلام، وصدقه قبل الدعوة التي هي الرسالة ولذا قال عليه السلام لقد رأيته في الجنة وعليه ثياب الحرير ثم نزل يا أيها المدثر قم فانذر فظهر الفرق بين النبوة والرسالة قال بعض العارفين : أهل الإرادة في الطلب والمراد مطلوب وهو نعت الحبيب ألا تر أنه لما قيل له اقرأ استقبله الأمر من غير طلب ونظيره ألم نشرح لك صدرك فإنه فرق بينه وبين قول موسى رب اشر له صدري باسم ربك} متعلق بممر هو حال من ضمير الفاعل أي اقرأ ملتباً باسم الله تعالى أي مبتدئاً به ليتحقق مقارنته لجميع أجزاء المقروء أي قل بسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرأ فعلم أن اقرأ باسم ربك نزلت من غير بسملة وقد صرح بذلك الامام البخاري رحمه الله، أمره بذلك لأن ذكر اسم الله قوة له في القراءة وأنس بمولاه فإن الأنس بالاسم يفضي إلى الإنس بالمسمى والذكر باللسان يؤدي إلى الذكر بالجنان والباء في باسم يفضي إلى الإنس بالمسمى والذكر باللسان يؤدي إلى الذكر بالجنان والباء في باسم بره تعالى على
٤٧١
على المؤمنين بانواع الكرامات في الدارين والسين كونه سميعا لدعاء الخلق جميعا والميم معناه من العرش الى تحت الثرى ملكه وملكه وفي الكواشي دخلت الباء في إقرأ باسم ربك لتدل على الملازمة والتكرير كأخذت بالخطام ولو قلت اخذت الخطام لم يدل على التكرير والدوام في كتاب شمس المعارف اول آية نزلت على وجه الارض بسم الله الرحمن الرحيم على آدم الصفي عليه السلام فقال آم الآن علمت ان ذريتي لا تعذب بالنار ما دامت عليها ثم انزلت على ابراهيم عليه السلام في المنجنيق فاتجاه الله بها من النار ثم على موسى عليه السلام فقهر بها فرعون وجنوده ثم على سليمان عليه السلام فقالت الملائكة الآن والله قدتم ملكك فهي آية الرحمة والامان لرسله واممهم ولما نزلت على رسول الله ﷺ في سورة النمل انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم كانت فتحاً عظيماً فأمر رسول الله فكتبت على رؤوس السور وظهور الدفاتر واوائل الرسائل وحلف رب العزةبعزته ان لا يسميه عبد مؤمن على شيء الا بورك له فيه وكانت لقائلها حجاب من النار وهي تسعة عشر حرفا تدفع تسعة عشر زبانية وفي الخبر النبوي لو وضعت السموات والارض وما فيهن وما بينهن في كفة والبسملة في كفة لرجحت عليها يعني البسملة
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٠
﴿الَّذِى خَلَقَ﴾ وصف الرب به لتذكير اول النعماء الفائضة عليه منه تعالى والتنبيه على ان من قدر على خلق الانسان على ما هو عليه من الحياة وما يتبعها من الكمالات قادر على تعليم القراءة العالم المتكلم اي الذي له الخلق والمستاثر به لا خالق سواه فيكون خلق منزل منزلة اللازم وبه يتم مرام المقام لدلالته على أن كل خلق مختص به أو خلق كل شيء فيكون من حذف المفعول للدلالة على التعميم وقال في فتح الرحمن لما ذكر الرب وكانت العرب في الجاهلية تسمى الاصنام اربابا جاء بالصفة التي لا شركة للاصنام فيها فقال الذي خلق﴿خَلَقَ الانسَـانَ﴾ على الاول تخصيص لخلق الانسان بالذكر من بين سائر المخلوقات لاستقلاله ببدآئع الصنع والتدبير وعلى الثانى افراد للانسان من بين سائر المخوقات بالبيان وتفخيم لشأنه اذ هو اشرفهم وعليه نزل التنزيل وهو المأمور بالقرآءة ويجوز أن يراد بالفعل الاول ايضا خلق الانسان ويقصد بتجريده عن المفهوم الابهام ثم التفسير روما لتخفيم فطرته ﴿مِنْ عَلَقٍ﴾ جمع علقة كثمر وثمرة وهى الدم الجامد واذا جرى فهو المسفوح اى دم جامد رطب يعلق بما مر عليه لبيان كمال قدرته تعالى باظهار ما بين حالته الاولى والآخرة من التباين البين وايراده بلفظ الجمع حيث لم يقل علقة بناء على أن الانسان فى معنى الجمع لأن الالف فيه للاستغراق لمراعاة الفواصل ولعله هو السر فى تخصيصه بالذكر من بين سائر اطوار الفطرة الانسانية مع كون النطفة والتراب ادل منه على كمال القدرة لكونهما ابعد منه بالنسبة الى الانسانية ولما كان خلق الانسان اول النعم الفائضة عليه منه تعالى واقوم الدلائل الدالة على وجوده تعالى وكماله قدرته وعلمه وحكمته وصف ذاته تعالى بذلك اولا ليستشهد عليه السلام به على تمكينه تعالى من القرءآة
٤٧٢


الصفحة التالية
Icon