يقول الفقير : كان عليه اسلام يدعو ويقول اللهم أعز الإسلام بأبي جهل أو بعمر فلما أعزه الله بعمر رضي الله عنه دل على أن عمر أسعد قريش كما أن أبا جهل أشقى قريش إذ الأشياء تتبين بأضدادها ﴿أَرَءَيْتَ﴾ رؤية قلبية معناه أخبرني ذلك الناهي وهو المفعول الأول ﴿إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى﴾ فيما ينهى عنه من عبادة الله ﴿أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾ أي أمر بالتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقده وهذه الجملة الشرطية بجوابها المحذوف وهو ألم يعلم بأن الله يرى سدت مسد المفعول الثاني فإن المفعول الثاني لأرأيت لا يكون إلا جملة استفهامية أو قسمية وإنما حذف جوب هذه الشرطية اكتفاء عنه بجواب الشرطية لأن قوله إن كذب وتولى مقابل للشرط الأول وهو أن كان على الهدى أوامر بالتقوى والآية في الحقيقة تهكم بالناهي ضرورة إنه لسي في النهي عن عبادته تعالى والأمر بعبادة الأصنام على هدى البتة ﴿أَرَءَيْتَ﴾ أخبرني ذلك الناهي ﴿إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ أي إن ان مكذباً للحق معرضاً عن الصواب كما نقول نحن ونظم الأمر والتكذيب والتولى في سلك الشرط المتردد بين الوقوع وعدمه ليس باعتبار أنفس الأفعال المذكورة من حيث صدورها عن الفاعل فإن ذلك ليس في حير التردد أصلاً بل باعتبار أوصافها التي هي كونها أمراً بالتقوى وتكذيباً وتولياً ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ جواب للشرطية الثانية أي يطلع على أحواله فيجاريه بها حتى اجترأ على ما فعل أي قد علم ذلك الناهي أن الله يرى فكيف صدر منه ما صدر وإنما أفرد التكذيب والتولي بشرطية مستقلة مقرونة بالجواب مصدرة باستخبار مستأنف ولم ينظمهما في سلك الشرط الأول بعطفهما على كان للإيذان باستقلالهما بالوقوع في نفس الأمر وباستتباع الوعيد الذي ينطق به الجواب وأما القسم الأول
٤٧٥
فأمر مستحيل قد ذكر في حيز الشرط لتوسيع الدائرة وهو السر في تجريد الشرطية الأولى عن الجواب والإحالة به على جواب الثانية وقيل : العنى أرأيت الذي ينهى عبداً يصلي والمنهي على الهدى أمراً بالتقوى والناهي مكذب متول ولا أعجب من ذا.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٠
برزكان كفته انددر كلمه إن الله يرى هم وعد مندر جست وهم وعيد أي فاسق توبه كن كه ترامييبند أي مرايى اخلاص ورزكه ترامييبند أي درخلوت قصد كناه كرده هش داركه ترامى بيند درويشى بعد ازكناهى توبه كرده بود ويوسته مى كريست كفتند ندمى كريى خداي تعالى غفورست كفت أرى هرند عفو كند خجلت آنراكه أومى ديده ه كونه دفع كنم.
كيرم كه تواز سركنه در كذرى
زان شرم كه ديدى كه ه كردم ه كنم
قال أبو الليث رحمه الله : والآية عظة لجميع الناس وتهديد لمن يمنع عن الخير وعن الطاعة وقال ابن الشيخ في حواشيه وهذه الآية وإن نزلت في حق أبي جهل لكن كل من نهى عن طاعة فهو شريك أبي جهل في هذا الوعيد ولا يلم عليه المنع من الصلاة في الدار المغصوبة والأوقات المكروهة لأن المنهي عنه غير الصلاة وهو المعصية فإن عدم مشروعية اوصف المقارن وكونه مستحقاً لأن ينهى عنه لاي نافي مشروعية أصل الصلاة إلا أنه لشدة الاصال بينهما بحيث يكون النهي عن الوصف موهماً للنهي عن الأصل احتاط فيه بعض الأكابر حتى روى عن علي رضي الله عنه، إنه رأى في المصلى أقواماً يصلون قبل صلاة العيد فقال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يفعل ذلك فقيل له ألا ننهاهم فقال أخشى أن ندخل تحت وعيد قوله تعالى :[العلق : ٩-٦]﴿أَرَءَيْتَ الَّذِى يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ فلم يصرح بالنهي عن الصلاة احتياطاً وأخذ أبو حنيفة هذا الأدب الجمل حتى قال له أبو يوسف أيقول المصلى حين يرفع رأسه من الركوع اللهم اغفر لي قال يقول ربنا لك الحمد ويسجد ولم يصرح بالنهي كلا} ردع للناهي اللعين وخسو له عن نهيه عن عبادة الله وأمره بعبادة اللات ﴿لَـاـاِن لَّمْ يَنتَهِ﴾ اللام موطئة للقسم المضمر أي والله لئن لم ينته عما هو عليه ولم ينزجر ولم يتب ولم يسلم قبل الموت والأصل ينتهي بالياء يقال نهاه ينهاه نهيا ضد أمره فانتهى ﴿لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ﴾ أصله لنسفعن بالنون الخفيفة للتأكيد ونظيره وليكونا من الصاغرين كتب في المصحف بالألف على حكم الوقف فإنه يوقف على هذه النون بالألف تشبيهاً لها بالتنوين والسفع القبض على الشيء وجذبه بعنف وشدة والناصية شعر مقدم الرأس والمعنى لنأخذن في الآخرة بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار بمعنى لتأمرن الزبانية ليأخذوا بناصيته ويجروه إلى النار بلتحقير والإهانة وكانت العرب تألف من جر الناصية وفي "عين المعاني" الأخذ بالناصية عبارة عن القهر والهوان والاكتفاء بلام العهد عن الإضافة لظهور أن المراد ناصية الناهي المذكور ويحتمل أن يكون المراد من هذا السفع سحبه على وجهه في الدنيا يوم بدر فيكون بشارة بأن يمكن الملمين من ناصيته حتى يجروه على وجهه إذا عاد إلى النهي فلما عاد مكنهم الله من ناصيته يوم بدر.


الصفحة التالية
Icon