جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٠
روى) أنه لما نزلت سورة الرحمن، قال عليه السلام :"من يقرأها على رؤساء قريش فتثاقلوا" فقام ابن
٤٧٦
مسعود رضي الله عنه، وقال أنا فأجلسه عليه السلام ثم قال ثانياً من يقرأها عليهم فلم يقم إلا ابن مسعود رضي الله عنه، ثم ثالثاً إلى أن أذن له وكان عليه السلام، يبقى عليه لما كان يعلم ضعفه وصغر جثته ثم إنه وصل إليهم فرآهم مجتمعين حول الكعبة فافتتح قراءة السورة فقام أبو جهل فلطمه فشق إذنه وادماها فانصرف وعينه تدمع فلما رآه عليه السلام رق قلبه وأطرق رأسه مغموماً فإذا جبرائيل جاء ضاحكاً مستبشراً فقال يا جبرائيل تضحك ويبكى ابن مسعود فقال سيعلم فلما ظفر المسلمون يوم بدر الشمس ابن مسعود أن يكون له حظ في الجهاد فقال له عليه السلام، خذ رمحك والتمس في الجرحى من كان له رمق فاقتله فإنك تنال ثواب المجاهدين فأخذ يطالع القتلى فإذا أبو جهل مصروع يخور فخاف أن تكون به قوة فيؤذيه فوضع الرمح على منحره من بعيد فطعنه ولعل هذا قوله سنسمه على الخرطوم ثم لما عرف عجزه لم يقدر أن يصعد على صدره لضعفه فارتقى عليه بحيلة فلما رآه أبو جهل قال له يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعباًقال ابن مسعود الإسلام يعلو ولا يعلى عليه فقال له أبو جهل بلغ صاحبك إنه لم يكن أحد أبغض إلى منه في حال مماتي فروى أنه عليه السلام لما سمع ذلك قال فرعوني أشد من فرعون موسى فإنه قال آمنت وهو قد زاد عتوا ثم قال ابن مسعود اقطع بسيفي هذا لأنه أحد وأقطع فلما قطع رأسه لم يقدر عى حمله فشق إذنه وجعل الخيط فيها وجعل يجره إلى رسول الله عليه السلام، وجبرائيل بين يديه يضحك ويقول يا محمد إذن بإذن لكن الرأس ههنا مع الإذن مقطوع ولعل الحكيم سبحانه إنما خلقه ضعيفاً حتى لم يقو على الرأس المقطوع لوجوه أحدها أن أبا جهل كلب والكلب يجر ولا يحمل والثاني ليشق الأذن فيقتص الأذن بالأذن والثالث ليحقق الوعيد المذكور بقوله لنسفعا بالنصاية فيجر تلك الرأس على مقدمها قال ابن الشيخ والناصية شعر الجبهة وقد يسمى مكان الشعر ناصية ثم إنه تعالى كنى بها ههنا عن الوجه والرأس ولعل السبب في تخصيص السفع بها إن اللعين كان شديد الاهتمام بترجيل الناصية وتطييبها ﴿نَاصِيَةٍ كَـاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ بدل من الناصية وإنما جاز أبدالها من المعرفة وهي نكرة لوصفها وصوف الناصية بالكذب والخطأ على الإسناد الجازي وهما لصاحبها وفيه من الجزالة ما ليس في قولك ناصية كاذب خاطىء كأن الكافر بلغ في الكذب قولاً والخطأ فعلاً إلى حيث أن كلا من الكذب والخطأ ظهر من ناصيته وكان أبو جهل كاذباً على الله في أنه لم يرسل محمداً كاذباً في أنه ساحر ونحوه وخاطئاً بما تعرض له عليه السلام بأنواع الأذية ﴿فَلْيَدْعُ﴾ من الدعوة يعنى كوبخاند أبو جهل ﴿نَادِيَهُ﴾ أي أهل ناديه ومجلسه ليعينوه وهو المجلس الذي ينتدى فيه القوم أي يجتمعون وقدر المضاف لأن نفس الجلس والمكان لا يدعى ولا يسمى المكان نادياً حتى يكون فيه له ودار الندوة بمكة كانوا يجتمعون فيها للتشاور وهي الآن لمحفل الحنفي روى أن أبا جهل مر برسول الله وهو يصلي فقال ألم ننهك فاغلظ رسول الله فقال أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي نادياً يريد كثرة من يعينه فنزلت ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ أي ملائكة العذاب ليجروه إلى النار وواحد منهم يغلب على ألف ألف من أمثال أهل ناديه.
٤٧٧
قال عليه السلام :"لو دعا ناديه الزبانية عياناً".
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٠


الصفحة التالية
Icon