يقال إن مكيائيل هو الأمين على الأرزاق والأغذية المحسوسة ويقابله منك الكبد فهو الذي يعطى الغذاء لجميع البدن وكذلك إسرافيل يغذى الأشباح بالأرواح ويقابله منك الدماغ وجبرائيل يغذى الأرواح بالعلوم والمعارف ويقابله منك العقل وكل محدث لا بد له من غذاء فغذاء الجسم بالتأليف والعقل بالعلوم الضرورية والروح القدسي أيضاً متعطش ولا يرتوى إلا بالعلوم الإلهية هذا وإما لخطرها وشرفها على سائر الليالي فالقدر بمعنى المنزلة والشرف إما باعتبار العامل على معنى أن من أتى بالطاعة فيها صار ذا قدر وشرف وإما باعتبار نفس العمل على معنى أن الساطعة الواقعة في تلك الليلة لها قدر وشرف زائد وعن أبي بكر الوراق رحمه الله، سميت ليلة القدر لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر على لسان ملك ذي القدر لأمة لها قدر ولعله تعالى إنما ذكر لفظ القدر في هذه السورة ثلاث مرات لهذا السبب، وقال الخليل رحمه الله : سميت ليلة القدر أي ليلة الضيق لأن الأرض
٤٨٢
تضيق فيها بالملائكة فالقدر بمعنى الضيق، كما في قوله تعالى : ومن قدر عليه رزقه وتخصيص الألف بالذكر إما للتكثير لأن العرب تذكر الألف في غاية الأشياء كلها ولا تريد حقيقتها أو لما روى أنه عليه السلام، ذكر رجلاً من بني إسرائيل اسمه شمسون لبس السلاح في سبيل الله، ألف شهر فتعجب المؤنون منه وتقاصرت إليهم أعمالهم بأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي وقيل إن الرجل فيما مضى كا نلا يقال له عابد حتى يعبد الله ألف شهر فأعطوا ليلة أن أحيها كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد وقيل : رأى النبي عليه السلام، أعمار الأمم كافة فاستقصر أعمار أمته فخاف أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر وجعلنا خيراً من ألف شهر لسائر الأمم وقيل : كان ملك سليمان عليه السلام، خمسمائة شهر وملك ذي القرنين خمسمائة شهر فجعل الله العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيراً من ملكهما وروى عن الحسن بن علي بن أبي طالب أنه قال حين عوتب في تسليمه الأمر لمعاوية إن الله أرى نبيه عليه السلام، في المنام بني أمية ينزون على منبره نزو القردة أي يثبون فاغتم لذلك فأعطاه الله ليلة القدر وهي خير له ولذريته ولأهل بيته من ألف شهر وهي مدة ملك بني أمية وأعلمه إنهم يملكون أمر الناس هذا القدر من الزمان ثم كشف الغيب إن كان من سنة الجماعة إلى قتل مروان الجعدي آخر ملوكهم هذا القدر من الزمان بعينه كما في فتح الرحمن ودل كلام الله تعالى على ثبوت ليلة القدر فمن قال إن فضلها كان لنزول القرآن يقول انقطعت فكانت مرة والجمهور على إنها باقية آتية في كل سنة فضلاً من الله ورحمة على عباده غير مختصة برمضان عند البعض وهو قول الامام أبي حنيفة رحمه الله، وحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر حتى لو علق أحد طلاق امرأته أو عتق عبده بليلة القدر فإنه لا يحكم به إلا بأن يتم الحول وعند الأكثرين مختصة به وكان عليه السلام، إذا دخل العشر شد مزره وأحيى ليله وأيقظ أهله وكان الصالحون يصلون في ليلة من العشر ركعتين بنية قيام ليلة القدر وعن بعض الأكابر من قرأ كل ليلة عشر آيات على تلك النية لم يحرم بركتها وثوابها قال الامام أبو الليث رحمه الله : أقل صلاة ليلة القدر ركعتان وأكثرها ألف ركعة وأوسطها مائة ركعة وأوسط القراءة في كل ركعة أن يقرأ بعد الفاتحة إنا أنزلناه مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات، ويسلم على كل ركعتين ويصلى على النبي عليه السلام بعد التسليم ويقوم حتى يتم ما أراد من مائة أو أقل أو أكثر ويكفي في فضل صلاتها ما بين الله من جلالة قدرها وما أخبر به الرسول عليه السلام من فضيلة قيامها وصلاة التطوع بالجماعة جائزة من غير كراهة لو صلوا بغير تداع وهو الأذان والإقامة كما في الفرائض صرح بذلك كثير من العلماء قال شرخ النقاية وغيره وفي المحيط لا يكره الاقتداء بالامام في النوافل مطلقاً نحو القدر والرغائب وليلة النصف من شعبان ونحو ذلك لأن ما رأه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن فلا تلتفت إلى قول من لا مذاق لهم من الطاعنين فإنهم بمنزلة العنين لا يعرفون ذوق المناجاة وحلاوة الطاعات وفضيلة الأوقات.
٤٨٣
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٩
هركس ازجلوه كل فهم معاني نكند
شرح آن دفتر ننوشته زبلبل بشنو


الصفحة التالية
Icon