ومواعظ وفي "المفردات" إشارة إلى ما فيه من معاني كتب الله فإن القرآن مجمع ثمرة كتب الله المتقدمة ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ﴾ عما كانوا عليه من الوعد وأفراد أهل الكتاب بعد الجمع بينهم وبين المشركين للدلالة على شناعة حالهم وإنهم لما تفرقوا مع علمهم كان غيرهم بذلك أولى خضوا بالذكر لأن جحود العالم أقبح وأشنع من إنكار الجاهل ﴿إِلا مِنا بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ استثناء مفرغ من أعم الأوقات أي وما تفرقوا في وقت من الأوقات إلا من ما جاءتهم الحجة الواضحة الدالة على أن رسول الله عليه السلام، هو الموعود في كتابهم دلالة جلية لا ريب فيها ﴿وَمَآ أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ﴾ جملة حالية مفيدة لغاية قبح ما فعلوا أي والحال إنهم ما أمروا بما أمروا في كتابهم لشيء من الأمور إلا لأجل أن يعبدوا الله وهذه اللام في الحقيقة لام الحكمة والمصلحة يعني أن فعله تعالى وإن لم يكن معللاً بالغرض إلا أنه مغياً بالحكم والمصالح وكثيراً ما تستعمل لام الغرض في الحكمة المترتبة على الفعل تشبيهاً لها بها في ترتبها على الفعل بحسب الوجود وفي حصر علة كونهم مأمورين بما في كتبهم من عبادة الله بالإخلاص حيث قيل وما أمروا بما أمروا إلا لأجل أن يتذللوا له ويعظموه غاية التذلل والتعظيم ولا يطلبوا في امتثال ما كلفوا به شيئاً آخر سوى التذلل لربهم ومالكهم كثواب الجنة والخلاص من النار دليل ما ذهب إليه أهل السنة من أن العبادة ما وجبت لكونها مقضية إلى ثواب الجنة أو إلى البعد والنجاة من عذابا لنار بل لأرجل إنك عبد وهو رب ولو لم يحصل في الدين ثواب ولا عقاب البتة ثم أمرك بالعبادة وجبت لمحض العبودية ومقتضى الربوبية والمالكية وفيه أيضاً إشارة إلى أن من عبد الله للثواب والعقاب فالمعبود في الحقيقة هو الثواب والعقاب والحق واسطة فالمقصود الأصلي من العبادة هو المعبود وكذا الغاية من العرفان المعروف فعليك بالعبادة للمعبود وبالعرفان للمعروف وإياك وإن تلاحظ شيئاً غير الله تعالى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٨٦
عاشقانرا شادماني وعم اوست
دست مزدوا جرت خدمت مم اسوت
وقال بعضهم : الأظهر أن تجعل لام ليعبدوا الله زائدة كما تزاد في صلة الإرادة فيقال أردت
٤٨٧
لتقوم لتنزيل الأمر منزلة الإرادة فيكون المأمور به هذه الأمور من العبادة ونحوها كما هو الظاهر ثم إن العبادة هي التذلل ومنه طريق معبد أي مذلل ومن زعم أنها الطاعة فقد أخطأ لأن جماعة عبدوا الملائكة والمسيح والأصنام وما أطاعوهم ولكن في الشرع صارت اسماً لكل طاعةأديت له على وجه التذلل والنهاية في التعظيم والعبادة بهذا المعنى لا يستحقها إلا من يكون واحداً في صفاته الذاتية والفعلية فإن كان له مثل لم يمكن أن يصرف إليه نهاية التعظيم فثبت بما قلنا أنه لا بد في كون الفعل عبادة من شيئين أحدهما غاية التعظيم ولذلك قيل إن صلاة الصبي ليست بعبادة لأنه لا يعرف عظمة الله فلا يكون فعله غاية التعظيم وفي حكمه الجاهل الغافل وثانيهما أن يكون مأموراً به ففعل اليهود ليس بعبادة وإن تضمن نهاية التعظيم لأنه غير مأمور به فإذا لم يكن فعل الصبي عبادة لفقد التعظيم ولا عل اليهود لفقد الأمر فكيف يكون ركوعك الناقص عبادة والحال أنه لا أمر به ولا تعظيم فيه ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ حال من الفاعل في ليعبدوا أي جاعلين أنفسهم خالصةتعالى في الدين يعني از شرك والحاد اكيزه باشند واز أغراض نفسانية وقضاي شهوات صافي وبي غش.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٨٦


الصفحة التالية
Icon