والإخلاص أن يأتي بالفعل خالصاً لداعية واحدة ولا يكون لغيرها من الدواعي تأثير في الدعاء إلى ذلك الفعل فالعبادة لجلب المنفعة أو لدفع المضرة ليست من قبيل الإخلاص وكذا الاشتغال بالمباح في الصلاة مثل التحنح وغيره من الحظوظ النفسانية وزيادة الخشوع في الصلاة لأجل الغير رياء ودفع الزكاة إلى الوالدين والمولدين وعبيده وإمائه ينافي القربة ولذا نهى عنه فالإخلاص في العبودية تجريد السر عم اسوى الله تعالى وقال بعضهم : الإخلاص أن لا يطلع على عملك إلا الله ولا ترى نفسك فيه وتعلم أن المنة عليك في ذلك حيث أهلك لعبادته ووفقك لها ولا تطلب من الله أجراً وعوضاً ﴿حُنَفَآءَ﴾ حال أخرى على قول من جوز حالين من ذي حال واحد ومن المنوى في مخلصين على قول من لم يجوز ذلك أي مائلين عن جميع العقائد الزائغة إلى الإسلام وهو في المعنى تأكيد للإخلاص إذ هو الميل عن الاعتقاد الفاسد وأكبره اعتقاد الشركة وأصل الحنف الميل وانقلاب ظهر القدم حتى يصير بطنا فالأحنف هو الذي يمشي على ظهر قدميه في شقها الذي يلي خنصرها ويجيء الحنف بمعنى الاستقامة فمعن حنفاء مستقيمين فعلى هذا إنام سمى مائل القدم أحنف على سبيل التفاؤل كقولك للأعمى بصير وللحبشي كافورو للطاعون مبارك وللمهلكة مفازة قال ابن جبير لا يسمى أحد حنيفاً حتى يحج ويختن لأن الله وصف إبراهيم عليه السلام، بكونه حنيفاً وكان من أنه أنه حج وختن نفسه ﴿وَيُقِيمُوا الصَّلَواةَ﴾ التي هي العمدة في باب العبادات البدنية ﴿وَيُؤْتُوا الزَّكَواةَ﴾ التي هي الأساس في العادات المالية قال في "الإرشاد" إن أريد بهما ما في شريعتهم من الصلاة والزكاة فالأمر ظاهر وإن أريد ما في شريعتنا فمعنى أمرهم بهما في الكتابين أن أمرهم باتباع شريعتنا أمر لهم بجميع أحكامها التي هما من جملتها ﴿وَذَالِكَ﴾ أي ما ذكر من عبادة الله بالإخلاص وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ﴿دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ أي دين الملة القيمة قدر الموصوف لئلا يلزم إضافة الشء إلى صفته فإنها إضافة الشيء إلى سفته وصحة
٤٨٨
إضافة الدين إلى الملة باعتبار التغاير الاعتباري بينهما فإن الشريعة المبلغة إلى الأمة بتبليغ الرسول إياها من قبل الله تسمى ملة باعتبار أنها تكتب وتملى ودينا باعتبار أنها تطاع فإن الدين الطاعة يقال دان له أي أطاعه وقال بعضهم : إضافة الدين إلى القيمة إضافة العام إلى الخاص كشجر الأراك ولا حاجة إلى تقدير الملة فإن القيمة عبارة عن الملة كما يشهد له قراءة أبي رضي الله عنه وذلك الدين القيم انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٨٦
وقال الكاشفي) : دين القيمة يعني دين وهلت درست است واينده.


الصفحة التالية
Icon