تفسير سورة العاديات
مختلف فيها وآيها إحدى عشرة بلا خلاف
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٩٥
والعاديات} جمع عادية وهي الجارية بسرعة من القدر وهو بالفارسية دويدن.
وياؤها مقلوبة عن الواو لكسرة ما قبلها اقسم سبحانه بخيل العزاة التي تعدو نحو العدو ﴿ضَبْحًا﴾ مصدر منصوب إما بفعله المحذوف الواق حالاً منها أي تضبح ضبحاً على تأويل العاديات بالجماعة وهو صوت أنفاسها عند عدوها يعني صوتاً يسمع من أفواه الفرس وأجوافها إذا عدون وهو صوت غير الصهيل والحمحمة وهي صوت البرذون عند الشعير أو بالعاديات فإن العدو مستلزم للضبح كأنه قيل والضابحات ضبحاً أو حال على أنه مصدر بمعنى الفاعل أي ضابحات ﴿فَالمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾ الإيراء إخراج النار والقدح الضرب فإن الخيل يضربن بحوافر هن وسنا بكهن الحجارة فيخرجن منها ناراً يقال قدح الزند فأورى وقدح فاصلد أي صوت ولم يور فالقدح يتقدم على الإيراء بخلاف الضبح حيث تأخر ويتسبب عن العدو والمعنى تورى النار من حوافرها إذا سارت في الأرض ذات الحجارة فالقدح استعارة لضرب الحجارة بحوافرها وانتصاب قدحاً كانتصاب ضبحاً على الووه الثلاثة أي تقدح قدحاً أو فالقادحات قدحاً أو قادحات ﴿فَالْمُغِيرَاتِ﴾ يقال أغار على القوم غارة وأغارة دفع عليهم الخليل وأغار الفرس اشتد عدوه في الغارة وغيرها أسند الأغارة التي هي مباغتة العدو للنهب والقتل وأسر إلى الخليل وهي حال أهلها إيذاناً بأنها العمدة في إغراتهم ﴿صُبْحًا﴾ نصب على الظرفية أي في وقت الصبح وهو المعتاد في الغارات يعدون ليلاً لئلا يشعر بهم العدو ويهجمون عليهم صباحاً على حين غفلة ليروا ما يأتون وما يذرون ومنه قولهم عند خوف الغارة يا صباحاه أي يا قوم احذروا من شر توجه إلينا صباحاً ﴿فَأَثَرْنَ بِهِ﴾ عطف على الفعل الذي دل عليه اسم الفاعل إذ المعنى واللاتي عدون فأورين فاغرن فأثرن به أي فهيجن في ذلك الوقت وأصله أثورن من الثور وهو الهيجان نقلت حركة الواو إلى الثاء قبلها وبلت الواو الفا فصار أثارن فحذفت الألف لاجتماع الساكنين فبقى أثرن بوزن أفلن ويجوز أن يجعل الضمير لفعل الأغارة فالباء للسببية أو للملابسة ﴿نَقْعًا﴾ أي غباراً وبالفارسية س دران وقت كرد انكيختند.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٩٦
من نقع الصوت إذا ارتفع فلغبار سمى نقعاً لارتفاعه أو هو من النقع في الماء فكان صاحب الغبار خاض فيه كما خوض الرجل في الماء وتخصيص أثارته بالصبح لأنه لا يثور ولا يظهر ثورانه بالليل وبهذا يظهر أن الإيراء الذي لا يظهر في النهار واقع في الليل ولله در شأن التنزيل قال سعدى المفتي وإثارة النقع لأنهم يكونون حال الإغارة مختلفين يميناً وشمالاً وإماماً وخلفاً بحسب الكر والفر في المجاولة أثر المدبر الهارب والمصاولة مع المقبل المحارب فيشأ الغبار الكثير ﴿فَوَسَطْنَ بِهِ﴾ أي توسطن في ذلك الوقت فوسط بمعنى توسط والباء ظرفية والتوسط درميان يزى شدن أو توسطن ملتبسات بالنقع فالباء للملابسة ﴿جَمْعًا﴾ من جموع الأعداء أي دخلن في وسطهم
٤٩٦


الصفحة التالية
Icon