وعن عائشة رضي الله عنها رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان الناس ويعلم من ذلك إنهما من جملة من سلم من قوم أبرهه ولم يذهبا بل بقيا بمكة كما في "إنسان العيون" وفي "حواشي ابن الشيخ" كان عبد المطلب وأبو مسعود الثقفي يشاهدان من فوق الجبل عسكر أبرهة حين رماهم الطير بالحجارة فهلكوا فقال عبد المطلب لصاحبه صار القوم حيث لا يسمع لهم ركز أي حس فانحطا من الجبل فدخلا المعسكر فإذا هم موتى فجمعا من الذهب والجواهر وحفر كل منهما لنفسه حفرة وملأها من لمال وكان ذلك سبب غناهما وفي كلام سبط ابن الجوزي وسبب غنى عثمان بن عفان أن أباه عفان وعبد المطلب وأبا مسعود الثقفي لما هلك أبرهة وقومه كانوا أول من نزل مخيم الحبسة فأخذوا من أموال أبرهة وأصحابه شيئاً كثيراً ودفنوه عن قريش فكانوا أنياء قيش وأكثرهم مالاً ولما مات عفان ورثه عثمان رضي الله عنه ثم إنه يرد على ما ذكر أن الحجاج خرب مكة بضرب المنجنيق فلم يصبه شيء ولم يستعجل عذابه ويجاب بأن الحجاج لم يجيء لهدم الكعبة ولا لتخريبها ولم قصد ذلك وإنما قصد التضييق على عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، ليسلم نفسه وفيه أنه قد يشكل كونه حرماً آمناً وجاء في حق الحجاج إن عليه نصف عذاب العالم ويرد عليه أيضاً قصة القرامطة وهي أن أبا سعيد كبير القرامطة وهم طائفة ملاحطة ظهروا بالكوفة سنة سبعين ومائتين يزعمون أن لا غسل من جنابة وحل الخمر وإنه لا صوم من السنة إلا يومي النيروز والمهرجان ويزيدون في أذانهم وإن محمد بن الخليفة رسول الله وإن الحج والعمرة إلى بيت المقدس وافتتن بهم جماعة من الجهال وأهل البراري وقويت شوكتهم حتى انقطع الحج من بغداد بسبه وسبب ولده أبي طاره فإن ولده أبا طاهر بني دارا في الكوفة وسماها دار الهجرة وكثر فساده واستيلاؤه على البلاد وقتله المسلمين وتمكنت هبته من القلوب وكثرت أتباعه وذهب إليه جيش الخليفة المقتدر بالله السادس عشر من خلفاء بني العباس غير ما مرة وهو يهزمهم ثم إن المقتدر سير ركب الحاج إلى مكة فوافاهم أبو طاهر يوم التروية فققتل الحجيج بالمسجد الحرام وفي جوف الكعبة قتلا ذريعاً وألقى
٥١٦
القتلى في بئر زمزم وضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره ثم اقتلعه وأخذه معه وقلع باب الكعبة ونزع كسوتها وسقفها وقسمه بينأصحابه وهدم قبة زمزم وارتحل عن مكة بعد أن أقام بها أحد عشر يوماً ومعه الحجر لأسود وبقى عند القرامطة أكثر من عشرين سنة وكان الناس يضعون أيديهم محله للتبكر ودفع لهم فيه خمسون ألف دينار فأبوا حتى أعيد إلى موضعه في خلافة المطيع لأمر الله وهو الرابع والعشرون من خلفاء بني العباس بعدا شترائه منهم وجعل له طوق فضة شد به رنته ثلاثة آلاف وسبعمائة وتسعون درهماً ونصف قال بعضهم : تأملت الحجر وهو مقلوع فإذا السواد في رأسه فقط وسائره أبيض وطوله قدر عظم الذراع وبعد القرامطة في سنة ثلاث عشرة وأربمائة قام رجل من الملاحدة وضرب الحجر الأود ثلاث ضربت بدبوس فتشقق وجه الحجر من تلك الضربات وتساقطت منه شظيات مثل الأظفار وخرج بكسره فتات أسمر يضرب إلى الصفرة محبباً مثل حب الخشخاش فجمع بنوا شيبة ذلك الفتات وعجنوه بالمسك واللك وحشوه في تلك الشقوق وطلوه بطلاط من ذلك.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥١٠


الصفحة التالية
Icon