ويقول الفقير : لعل الجواب عن مثل هذا أن الاستئصال وما يقرب منه مرفوع عن هذه الأمة وأكثر ما كان من خوارق العادت كان في أيام الأمم السالفة وليست الكعبة بأفضل من الإنسانالكامل وقد جرت عادة الله على التسامح عن بعض من يعاديه بل يقتله وإنكان اشتد غضبه عليه فهو يمهل ولا يهمل ولعنة الله على الظالمين ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ﴾ الهمزة للتقرير وضلل كيده إذا جعله ضالاً ضائعاً ونحوه قوله تعالى :[الفيل : ٣]﴿وَمَا كَيْدُ الْكَـافِرِينَ إِلا فِى ضَلَـالٍ﴾ وضل الماء في اللبن إذا ذهب وغاب والمعنى قد جعل مكرهم وحيلتهم في تعطيل الكعبة عن الزوار وتخريبها في تضييع وإبطال بأن أهلكهم أشنع إهلاك وجزاهم بعد إهلاكهم بمثل ما قصدوا حيث خرب كنيستهم قال في إنسان العيون لما أهلك صاحب الفيل وقومه عزت قريش وهابتهم الناس كلهم وقالوا : هم أهل الله لأن الله معهم ومزقت الحبشة كل ممزق وخرب ما حول تلك الكنيسة التي بناها أبرهة فلم يعمرها أحدو ثكرت حولها السباع والحياة ومردة الجن وكل من أراد أن يأخذ منها شيئاً أصابته الجن واستمرت كذلك إلى زمن الفاح الذي هو أول خلفاء بني العباس فذكر له أمرها فبعث إليها عامله الذي باليمن فخربها وأخذ خشبها المرصع بالذهب والآلات المفضضة التي تساوي قناطير من الذهب فحصل لها منها مال عظيم وحينئذٍ عفا رسمها وانقطع خبرها واندرست آثارها وأرسل عليهم طيراً} عطف على قوله ألم يجعل لأن الهمزة فيه لإنكار النفي كما سبق ﴿أَبَابِيلَ﴾ صفة طيراً أي جماعات لأنها كانت أفواجاً فوجاً بعد فوج متتابعة بعضها على أثر بعض أو من ههنا وههنا جمع أبالة وهي الحزمة الكبيرة بالفارسية دسته بزرك از حطب.
شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها وقيل أبابيل مفرد كعباديد ومعناه الفرق من الناس الذاهبون في كل وجه وكشماطيط ومعناه القطع المتفرقة وفيه إنها لو كانت مفردات لا شكل قوة النحاة إن هذا الوزن من الجمع يمنع صرفه لأنه لا يوجد في المفردات ﴿تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ﴾ صفة أخرى لطيرا وقرأ
٥١٧
أبو حنيفة رحمه الله، يرميهم أي الله أو الطير لأنه اسم جمع تأنيثه باعتبار المعنى والحجارة جمع حجر بالتحريك بمعنى الصخرة والمعنى بالفارسية مي افكندند بدان لشكر بسنكها.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥١٠
يقال رمى الشيء وبه ألقاه ﴿مِّن سِجِّيلٍ﴾ من طين متجر وهو الآجر معرب.
سنك كل.
وقال بعضهم : متحجر من هذين الجنسين وهما سنج الذي هو الحجر وجيل الذي هو الطين أو هم علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار كما سجينا علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار كما أن سجينا علم للديون الذي تكتب فيه أعمالهم كأنه قيل بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون واشتقاقه من الأسجال وهو الإرسال ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُول﴾ كورق زرع وقع فيه الآكال وهو أن يأكله الدود وسمى ورق الزرع بالعصف لأن شأنه أن يقطع فتعصفه الرياح أي تذهب به إلى هنا وهنا شبههم به في فنائهم وذهابهم بالكلية أو من حيث إنه حدثت فيهم بسبب رميهم منافذ وشقوق كالزرع الذي أكله الدود ويجوز أن يكون المعنى كورق زرع أكل حبه فبقى صفراً منه فيكون من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أي كعصف مأكول الحب شبههم بزرع أكل حبه في ذهاب أرواحهم وبقاء أجسادهم أو كتبن أكلته الدواب وألقته روثا فيبس وتفرقت أجزاؤه شبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث وفيه تشويه لحالهم ومبالغة حسنة وهو أنه لم يكتف بجعلهم أهون شيء في الزرع وهو التبن الذي لا يجدي طائلاً حتى جعلهم رجيعاً إلا أنه عبر عن الرجيع بالمأكول أو أشير إليه بأول حاله على طريق الكناية مراعاة لحسن الأدب واستهجاناً لذكر الروث كما كنى بالأكل في قوله تعالى :﴿كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ﴾ عما يلزم الأكل من التبول والتغوط لذلك فدأب القرآن هو العدول عن الظاهر في مثل هذا المقام قال بعض العارفين من كان اعتماده على غير الله أهلكه الله بأضعف خلقه ألا ترى أن أصحاب الفيل لما اعتمدوا على الفيل من حيث إنه وى خلق الله أهلكهم الله بأضعف خلق من خلقه وهو الطير.
وكفته اندا كربيل نتوانى بودباري ازشه كم مباش كه برصورت يل است شه كويدكه اكر من بقوت يل نيستم كه باري كشم باري بصورت يلم كه بار خويش بركس نيفكنم.
وفيه إشارة إلى أبرهة النفس المتصفة بصفة الغضب والحقد المجبولة على خلقة الفيل كالسبعية في السبع والكبر في النمر فأرسل الله عليها طير الأرواح حاملين أحجار الأذكار والأوراد فأكلتها أكل الأكلة وعصفت مزروعاتهم السيئة وبطل فليس طبيعتها الجسمانية التي كانت تدعو القوى إليها لأن هذه الدعوة كانت بتزيين الشيطان فلا تقاوم دعوة الروح إلى كعبة القلب التي كان من الرحمن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥١٠
هركه بر شمع خدا آردتفو
شمع كي ميرد بسوز دوازار
ون توخفاشان بسى بينند خواب
كين جهان ماند يتيم از آفتاب