﴿وَإِن تَظَـاهَرَا عَلَيْهِ﴾ بإسقاط إحدى التاءين وهو تفاعل من الظهر لأنه أقوى الأعضاء أي تتعاونا على النبي عليه السلام، بما يسوءه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره وكانت كل منكما ظهرا لصاحبتها فيه ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَـاـاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قوله هو مبتدأ ثان جيء به لتقوى الحكم لا للحصر وإلا لانحصرت الولاية له عليه السلام، في الله تعالى فلا يصح عطف ما بعده عليه وقوله وجبريل عطف على موضع اسم إن بعد استكمالها خبرها وكذا قوله وصالح المؤمنين وإليه مال السجاوندي رحمه الله إذ وضع علامة الوقف على المؤمنين والظاهر إن صالح مفردو لذلك كتبت الحاء بدون واو الجمع ومنهم من جوز كونه جمعاً بالواو والنون وحذفت النون بالإضافة وسقطت واو الجمع في التلفظ لإلتقاء الساكنين وسقت في الكتابة أيضاً حملاً للكتابة على اللفظ نحو يمح الله الباطل ويدع الإنسان وسندع الزبانية إلى غير ذلك والمعنى فلن يعدم هو أي النبي عليه السلام، من يظاهره فإن الله هو ناصره وجبريل رئيس الملائكة المقربين قرينه ورفيقه ومن صلح من المؤمنين أتباعه وأعوانه فيكون جبريل وما بعده أي على تقدير العطف داخلين في الولاية لرسول الله ويكون جبريل أيضاً ظهيراً له بدخوله في عموم الملائكة ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله مولاه ويكون جبريل مبتد وما بعده عطفاً عليه وظهير خبر للجميع تختص الولاية بالله قال ابن عباس رضي الله عنهما أراد بصالح المؤمنين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال في الإرشاد هو اللائق بتوسيطه بين جبريل والملائكة فإنه جمع بين الظهير المعنوي والظهير الصوري كيف لا وإن جبريل ظهيره يؤيده بالتأييدات الإلهية وهما وزيراه في تدبير أمور الرسالة وتمشية الأحكام ظاهرة ومعاون آن حضرت كه رضاي أو بررضاي فرزندان خود ايثاركنند.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧
ولأن بيان مظاهرتهما له عليه السلام، أشده تأثيراً في قلوب بنتيهما وتوهينا لأمرهما فكان حقيقاً بالتقديم بخلاف ما إذا أريد به جنس الصالحين كما هو المشهور وعن بعضهم إن المرا بصالح المؤمنين الأصحاب أو خيارهم وعن مجاهد هو علي رضي الله عنه، يقول الفقير : يؤيده قوله عليه السلام ا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى فإن الصالحين الأنبياء هم عليهم السلام، كما قال تعالى :﴿وَكُلا جَعَلْنَا صَـالِحِينَ﴾ وقال حكاية عن يوسف الصديق عليه السلام، وألحقني بالصالحين فإذا كان على بمنزلة هارون فهو صالح مثله وقال السهيلي رحمه الله، لفظ الآية عام فالأولى حملها على العموم قال الراغب الصلاح ضد الفساد الذي هو خروج الشيء عن الاعتدال والانتفاع قل أو كثروهما مختصان في أكثر الاستعمال بالأفعال وقوبل الصلاح في القرآن تارة بالفساد وتارة بالسيئة.
(وروى) إن رجلاً قال لإبرهيم بن أدهم قدس سره : إن الناس يقولون لي صالح فبم أعرف إني صالح فقال اعرض أعمالك في السر على الصالحين فإن قبلوها واستحسنوها فاعلم إنك صالح وإلا فلا وهذا من كلم الحكمة.
والملائكة} مع تكاثر عددهم وامتلاء السموات من جموعهم.
(وقال الكاشفي) : وتمام فرشتكان آسمان وزمين ﴿بَعْدَ ذَالِكَ﴾ أي بعد نصرة الله وناموسه الأعظم وصالح المؤمنين وفيه تعظيم لنصرتهم لأنها من الخوارق كما وقعت في بدر ولا يلزم منه
٥٣
أفضلية الملائكة على البشر ﴿ظَهِيرٍ﴾ خبر والملائكة والجملة معطوفة على جملة فإن الله هو مولاه وما عطف عليه أي فوج مظاهر له معين كأنهم يد واحدة على من يعاديه فما ذا يفيد تظاهر امرأتين على من هؤلاء ظهراؤه وما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿بَعْدِ ذَالِكَ﴾ من فضل نصرتهم على نصرة غيرهم من حيث إن نصرة الكل نصرة الله بهم وبمظاهرتهم أفضل من سائر وجوه نصرته يعني : إن نصرة الله إما نصرة ذاتية بلا آلة ولا سبب أو نصرة بتوسط مخلوقاته والثاني : يتفاوت بحسب تفاوت قدرة المخلوقات وقوتهم ونصرة الملائكة أعظم وأبعد رتة بالنسبة إلى سائر المخلوقات على حسب تفاوت قدرتهم وقوتهم فإنه تعالى مكن الملائكة على ما لم يمكن الإنسان عليه فالمراد بالبعدية ما كان بحسب الرتبة لا الزمان بأن يكون مظاهة الملائكة ظم بالنسبة ى نصرة المؤمنين وجبيل دخلفي عموم الملائكة ولا يخفى إن نصرة جميع الملائكة وفيهم جبيل أقوى من نصرة جبريل وحده قال في الإرشاد : هذا ما قالوا ولعل الأنسب أن يجعل ذلك إشارة إلى مظاهرة صالح المؤمنين خاصة ويكون بيان بعدية مظاهرة الملائكة تداركاً لما يوهمه الترتيب من أفضلية المقدم أي في نصرة فكأنه قيل بعد ذكر مظاهرة صالح المؤمنين وسائر الملائكة بعد ذلك ظهيرله عليه السلام، إيذاناً بعلو رتبة مظاهرتهم وبعد منزلتها وجبراً لفصلها عن مظاهرة بجريل، قال بعضهم : لعل ذكر غير الله مع أن الأخبار بكونه تعالى مولاه كاف في تهديدهما لتذكير كمال رفعة شأن النبي عليه السلام، عند الله وعند الناس وعند الملائكة أجمعين.