السورة تكرار وقيل هاتان الجملتان لنفي العبادة حالاً كما أن الأولين لنفيها استقبالاً وإنما لم يل ما عبدت ليوافق ما عبدتم لأنهم كانوا موسومين قبل البعثة بعبادة الأصنام وهو عليه السلام لم يكن حينئذٍ موسوماً بعبادة الله ومشتهراً بكونه عابداًعلى سبيل الامتثال لأمره يعني على ما قتضيه جعل العبادة صلة للموصول ثم عدم الموسومية بشيء لا يقتضي عدم ذلك الشيء فلا يلزم أن لا يكون عليه السلام، عابداًقبل البعثة بل يكون ما وقع منه قبلها من قبيل الجري على العادة المستمرة القديمة وفي "القاموس" كان عليه السلام، على دين قوه على ما بقي فيهم من أرث إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، في حجهم ومناكحهم وبيوعهم وأساليبهم وإما التوحيد فإنهم كانوا بذلوه والنبي عليه السلام لم يكن إلا عليه انتهى.
وإيثار ما في أعد على من لان لمراد هو الوصف كأنه قيل ما أعبد من المعبود العظيم الشان الذي لا يقادر قدر عظمته ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ﴾ تقرير لقوله تعالى :﴿لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ وقوله تعالى : ولا أنا عابد ما عبدتم ولي} بفتح ياء المتكلم ﴿دِينِ﴾ بحذف الياء إذ أصله ديني وهو تقرير لقوله تعالى :﴿وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ﴾ والمعنى إن دينكم الذي هو الإشراك مقصور على الحصول لكم لا يتجاوزه إلى الحصول لي أيضاً كما تطمعون فلا تعلقوا به أمانيكم الفارعة فإن ذلك من المحال وإن ديني الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لي لا يتجاوز إلى الحصول لكم أيضاً لأنكم علقتموه بالمحال الذي هو عبادتي لآلهتكم أو استلامي إياها ولأن ما وعدتموه عين الإشراك وحيث كان مبنى قولهم تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة على شركة الفريقين كلتا العبادتين كان القصر المستفاد من تديم المسند قصر أفراد حتماً وفي عين المعاني ونحوه هو منسوخ بآية السيف وقال أبو الليث : وفيها دليل على أن الرجل إذا رأى منكراً أو سمع قولاً منكراً فأنكره ولم يقبلوا منه لا يجب عليه أكثر من ذلك وإنما عليه مذهبه وطريقه وتكرهم على مذهبهم وطريقهم.
يقول الفقير : وردت على هذه السورة وكأني أقرأها في صلاة العصر بصوت جهوري حتى أسمعتها جميع ما في الكون وإشارتها قل يا محمد القلب يا أيها الكافرون أي القوى النفسانية الساترة للتوحيد بالشرك والطاعة بالمعصية ولوحدة بالكثرة والوجود الحقيقي بالوجود المجازي ونور الحقيقة الوجوبية بظلمة الحقيقة الإمكانية لا أعبد ما تعبدون من الأصنام التي يعبر عنها بما سوى الله فإني مأمور بالإيمان بالله والكفر بالطاغوت وكل ما سوى الله من قبيل الطاغوت والإله المجعول المقيد فلا يستحق العبادة إلا الله المطلق عن الإطلاق والتقييد ولا أتم عابدون ما أعبد وهو الله الواحد القهار الذي قهر بوحدته جميع الكثرات ولكن لا يقف عليه إلا أهل الوحدة والشهو وأنتم أهل الكثرة والاحتجاب فإني لكم هذا الوقوف ولا أنا عابد ما عبدتم من التلوينات والتقلبات في الكثرات الإسمائية والصفاتية ولا أنتم عابدون ما أعبد من التمكين والتحقيق وكذا من التلوين في التمكين فإنه من مقتضيات ظهور حقائق جميع الأسماء وليس فيه ميل وانحراف عن الحق أصلاً بل فيه بقاء مع الحق في كل طور لكم دينكم الذي
٥٢٧
هو الإيمان بالطاغوت والكفر بالله وهو الدين يجب التبري منه ولي دين الذي هو الإيمان بالله والكفر بالطاغوت وهو الدين الذي يجب التعلق بأحكامه والتخلق بأخلاقه والتحقق بحقائقه هذا فحقائق القرآن ليست بمنسوخة أبداً بل العمل بها باق.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢٦
ابن عباس رضي الله عنهما فرموده در قرآن سوره نيست بر شيطان سخت ترازين سوره زيراكه توحيد محض است ودرو برائت از شرك فمن قرأها برىء من الشرك وتباعد عنه مردة الشياطين وأمن من الفزع الأكبر وهي تعدل ريع القرآن وفي الحديث مروا صبيانكم فليقرأوها عند المنام فلا يعرض لهم شيء ومن خرج مسافراً فقرأ هذه السور الخمس قل يا أيها الكافرون إذا جاء نصر الله، قل هو الله أحد، قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس، رجع سالماً غانماً.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢٦