قال القاشاني ما داموا على صفتهم اود آئما ابد الزوال استعدادهم أو عدمه ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ أي جهم أو مصيرهم وفيه تصريح بما علم التزماً مبالغة في ذمهم وفيه إشارة إلى نبي القلب المجاهد في سبيل الله فإنه مأمور بجهاد الكفار أي النفس الأمارة بالسوء وصفاتها الحيوانية الشهوانية وبجهاد المنافقين أي الهوى امتبع وصفاته البهيمة والسبعية وبالغلظة عليهم بسيف الرياضة ورمح المجاهدة ومقامهم جهنم البعد والحجاب وبئس المصير إذ ذل الجاب وبعد الاحتجاب أشد من شدة العذاب.
يقول الفقير : إذ كان الأعداء الظاهرة يحتاجون إلى الغلظة والشدة فما ظنك باعدى الأعداء وهي النفس الأمارة ففي الغلظة عليها نجاة وفي اللين هلاك ولذا قال بعض الشعراء :
هست نرمى آفت جان سمور
وزدرشتى مى برد جان خارشت
وفي المثل العصا لمن عصا وقول الشيخ سعدى :
درشتى ونرمى بهم در بهست
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧
و فصاد جراح ومرهم نهست
٦٧
يشير إلى أن للمؤمن صفة الجمال والجلال وبهاء الكمال، فأول المعاملات الجمال لأن الله تعالى سبقت رحمته، ثم الجلال، فلما لم تقبل الكفار الدعوة بالرفق واللين، وكذا المنافقون.
الإخلاص واليقين أمر الله تعالى، نبيه عليه السلام، بالغلظة عليهم، ليظهر أحكام كل من الأسماء المتقابلة ففيه إشارة إلى أن من خلق للرحمة، وهم المؤمنون إلا يغضب عليهم ولا يغلظ لأنه قلب الحكمة وعكس لمصلحة وإن من خلق للغضب وهم الكفار والمنافقون لا يرحم لهم ولا يرفق بهم لذلك ودخل فيهم أنه البدعة ولذا لا يجوز أن يلقاهم السني بوجه طلق وقد عاتب الله بعض من فعل ذلك فعلى المؤمن أن يجتهد في طريق الحق حتى يدفعكيد الأعداء ومكر الشياطين عن الظاهر والباطن ويديم ذلك لأن به يحصل الترقي الذي هو من خصائص الإنسان ولذا خص الجهاد بالثقلين وأما جهاد الملائكة فبالتبعية أو بتكثير السواد فاعرف ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ضرب المثل في أمثال هذه المواضع عبارة عن إيراد حالة غريبة ليعرف بها حالة أخرى مشاكلة لها في آل غرابة أي يجعل الله مثالاً لحال هؤلاء الكفرة حالاً ومآلاً على أن مثلاً مفعول ثان لضرب واللام متعلقه به ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ﴾ أي حالهما مفعوله الأول آخر عنه ليتصل به ما هو شرح وتفسير لحالهما ويتضح بذلك حال هؤلاء وامرأة نوح هي واعلة بالعين المهملة، أو والعة وامرأة لوط، هي واهلة بالهاء ﴿كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَـالِحَيْنِ﴾ بيان لحالهما الداعية لهما إلى لخير والصلاة والمراد بكونهما تحتهما كونهما في حكمهما وتصرفهما علاقة النكاح والزواج وصالحين صفة عبدين أي كانتا تحت نكاح نبيين وفي عصمة رسولين عظيمي الشأن متمكنتن من تحصيل خير الدنيا والآرخة وخيازة سعادتهما وإظهار العبدين المراد بهما نوح ولوط لتعظيمهما بالإضافة التشريفية إلى ضمير التعظيم والوصف بالصلاح وإلا فيكفى أن يقول تحتهما وفيه بيان شرف العبودية والصلاح ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ بيان لما صدر عنهما من الجناية العظيمة مع تحقق ما ينفيها من صحبة النيب والخيانة ضد الأمانة فهي إنما تقال اعتباراً بالعهد والأمانة أي فخانتا هما بالكفر والنفاق والنسبة إلى الجنون والدلة على الأضياف ليتعرضوا لهم بالحجور لا بالبغاء فإنه ما بغت امرأة نبي قط فالبغي للزوجة شد في إيراث الأنفة لأهل العار والناموس من الكفر وإن كان الكفر أشد منه في أن يكون جرماً يؤاخذ به العبد يوم القيامة وهذا تصوير لحالهما المحاكية لهؤلاء لكفرة في خيانتهم لرسول الله عليه السلام، بلكفر والعصيان مع تمكنهم التام من الإيمان والطاعة
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧
﴿فَلَمْ يُغْنِيَا﴾ الخ بيان لما أدى إليه خيانتهما أي فلم يغن النبيان ﴿عَنْهُمَآ﴾ أي عن تينك المرأتين بحق الزواج ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ أي من عذابه تعالى ﴿شَيْـاًا﴾ من الإغناء أي لم يدفعا العذاب عنهما زن نوح غرق شد بطوفان وبر سرزن لوط سنك باريد ﴿وَقِيلَ﴾ لهما عند موتهما أو يوم القيامة وصيغة المضي للتحقق قاله الملائكة الموكلون بالعذاب ﴿ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ أي مع سائر الداخلين من الكفرة الذين لا وصلة بينهم وبين الأولياء ذكر بلفظ جمع المذكر لأنهن لا ينفردن بالذخول وإذا اجتمعا فالغلبة للذكور وقطعت هذه
٦٨