أي إيجاد أثر الموت بقطع ضوء الروح عن ظاهر الحي وباطنه مع كونه في غاية الاقتدار على الحركة والتقلب وبجعله جماداً كان لم تكن به حركة أصلاً وكذا إيجاد أثر الحياة بنفخ الروح وإضاءة ظاهر البدن وباطنه به ويجعله قادراً على التقلب بنفسه بالإرادة وعدم تلك الملكة ليس عدماً محضاً بل فيه شائبة الوجود وإلا لم يعتبر فيه المحل القبال للأمر الوجودي فلذلك صح تعلق الخلق بالموت كتعلقه بالحياة وبهذا التقرير اندفع ما اعترضوا به من أن العدم حال لا يكون مخلوقاً لأن المخلوق حادث وعد الحوادث أزلي ولو كان مخلوقاً لزم وجود الحوادث لإلاً وهو باطل وقال بعضهم : معنى خلق الموت على تقدير أن يكون الموت عبارة عن عدم الحياة قدره فإن الخلق يجبيء بمعنى التقدير كما في قوله تعالى فتبارك الله أحسن الخالقين ولا يبعد أن يقال إن تعلق الخلق بالموت بمعنى الإيجاد إنما هو بتبعية تعلقه بالحياة بذلك المعنى وقدم على الحياة لأنا لموت في عالم الملك ذاتي والحياة عرضية يعني إن الموت أسبق لأن الأشياء كانت مواتاً ثم عرضت لها الحية كالنطفة على ما دل عليه قوله تعالى :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ولأنه ادعى إلى إحساس العمل وأقرب إلى قهر النفوس فمن جعله نصب عينيه أفلح وفي الحديث : لولا ثلاث ما طأطأ ابن آدم رأسه الفقر والمرض والموت وفي الإرشاد : الأقرب إن المراد به الموت الطاري وبالحياة ما قبله وما بعده لظهور مداريتهما كما ينطق به ما بعد الآية ليبلوكم الخ فإن استدعاء ملاحظتها لإحسان العمل مما لا ريب فيه مع أن نفس العمل لاي تحقق بدون الحياة الدنيوية انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٧٢
وظاهره يخالف قوله تعالى : ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورا فإن المراد بهذه الحياة هيا لحياة الدنيوية بقرينة النشور والقرآن يفسر بعضه بعضاً ثم إن الألف واللام في الموت والحياة عوض عن المضاف إليه أي موتكم وحياتكم أيها المكلفون لأن خلق موت غير المكلفين وحياتهم لابتلاء المكلفين لا معنى له قال بعض العارفين الموت والحياة عرضان والأعراض والجواهر مخلوقة له تعالى وأصل الحياة حياة تجليه وأصل الموت موت استتاره وهما يتعاقبان للعارفين في الدنيا فإذا ارتفعت الحجب يرتفع الموت عنهم بأنهم يشاهدون عياناً بلا استتار أبداً لا يجري عليهم طوارق الحجاب بعد ذلك قال الله تعالى بل أحياء عند ربهم خلق الموت والحياة يميت قوماً بالمجاهدات ويحيى قوماً بالمشاهدات يميت قوماً بنعت الفناء
٧٥


الصفحة التالية
Icon