في ظهور سطوات القدم ويحيي قوماً بنعت البقاء في ظهور أنوار البقاء لولا التجلي والاستار لم يظهر شوق المشتاقين وتفاوت درجات الشوق ولا يتبين وله العاشقين وتفاوت درجاتهم في العشق وقال سهل قدس سره الموت في الدنيا بالمعصية والحياة في الآخرة بالطاعة في الدنيا وقال الجنيد قدس سره حياة الأجسام مخلوقة وهي التي قال الله تعالى خلق الموت والحياة وحياة الله دائمة لا انقطع لها أوصلها إلى أوليائه في قديم الدهر الذي ليس له ابتداء فكانوا في علمه أحياء قبل إيجاده لهم ثم أظهرهم فأعارهم الحياة المخلوقة التي أحيى بها الخلق وأماتهم في سره فكانوا في سره بعد الوفاة كما كانوا ثم أورد عليهم حياة الأبد فكانوا أحياء أبداً وقال الواسطي قدس سره من أحياه الله عند ذكره في لإله لاي موت أبداً ومن أماته في ذلك لا يحيي أبداً وكم حي غافل عن حياته وميت غافل عن مماته ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} اللام متعلقة بخلق وظاهرها يدل على أن أفعال الله معللة بمصالح العباد وإنه تعالى يفعل الفعل لغرض كما ذهب إليه المعتزلة وعند أهل السنة ليس هي على ظاهرها بل معناها إن الله تعالى فعل فعلاً لو كان يفعله منيراعي المصالح لم يفعله إلا لتلك المصلحة والغرض فمثل هذه اللام لام العلة عقلاً ولام الحكمة والمصلحة شرعاً وأيكم مبتدأ وأحسن خبره وعملاً تمييزاً ولجملة الاسمية سادة مسد المفعول الثاني لفعل البلوى عدى إليه بلا واسطة لتضمنه معنى العلم باعتبار عاقبته وإلا فهو لا يتعدى بلا واسطة إلا إلى مفعول واحد فليس هو من قبيل التعليق المشهور الذي يقتضي عدم إيراد المفعول أصلاً وقد ذكر المفعول الأول هنا وهو كم مع اختصاصه بأفعال القلوب ولا من التضمين المصطلح بل هو مستعار لمعنى العلم البلوى الاختبار وليس هنا على حقيقته لأنه إنما يتصور ممن يخفى عليه عواقب الأمور فالابتلاء من الله أن يظهر من العبد ما كان يعلم منه في الغيب ولمنى ليعاملكم معاملة من يختبركم أيكم أحسن عملاً فيجازيكم على مراتب متفاوتة حسب تفاوت طبقات علومكم وأعمالكم فإن العلم يغر مختص بعلم الجوارح ولذلك فسره عليه السلام، بقوله : أيكم أحسن عقلاً وأورع من محارم الله وأسرع في طاعة الله} يعني أثم عقلاً عند الله فهما لمراده فإن لكل من القلب والقالب ملاً خاصاً به فكما أن الأول أشرف من الثاني كذلك الحال في عمله يكف لا وعمله معرفة الله الواجبة على العباد أول كل شيء وإنما طريقها النظر والتفكر في بدائع صنع الله والتدبر في آياته المنصوبة في الأنفس والآفاق كما قال عليه السلام : لا تفضلوني على يونس بن متى فإنه كان يرفع له كل يوم مثل عمل أهل الأرض قالوا وإنما كان ذلك التفكر في أمر الله الذي هو عمل القلب ضرورة أن أحداً لا يقدر عى أن يعمل بجوارحه كل يوم مثل عمل أهل الأرض كذا في الإرشاد.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٧٢
يقول الفقير : لعل حال يونس عليه السلام، إشارة إلى عمل قالبي مفضل على علم أهل الأرض في زمانه بخواصقلبية فإن أعمال المقربين واحد منها مقابل بمائة ألف بل بغير حساب باعتبار التفاوت في الإحسان والشهود والخلوص ولذا قال تعالى : أحسن فإنه بعبارته إشارة إلى أحوال المقربين وبإشارته إلى أحوال غيرهم من الأبرار والكفار والمنافقين وذلك إن نية الإنسان لا تخلو إما أن يكون متعلقها في لسانه وجنانه هو الدنيا
٧٦
فهو سيء نية وعملاً وهو حال الكفار وإما أن يكون متعلقها في لسانه هو الآخرة وفي جنانه هو الدنيا فهو أسوأ نية وعملاً وهو حال المنافقين وأما أن يكون متعلقها في لسانه وجنانه هو الآخرة فهو حسن نية وعملاً وهو حال الأبرار وأما أن يكون متعلقها في لسانه وجنانه هو وجه الله تعالى فهو أحسن نية وعملاً وهو حال المقربين ولما كان المقصود لأعظم هو تحصيل هذا الأحسن صرح بذكره دون ذكر الحسن فإنه مفهوم بطريق الإشارة وكذا غيره ولقد أصاب من قال في تفسير الآية تابياز مايد شمارا يعني باشما معامله آزمايند كان كند تاظاهر شودكه دردار تكليف كدام از شما نيكو ترند ازجهت عمل يعني إخلاص كدام بيشترست.


الصفحة التالية
Icon