وكذا من قال أحسن الأعمال ماك ان أخلص بأن يكون لوجه الله خالصاً وأصوب بأن يكون موافقاف للسنة أي وارداً على النهج الذي ورد عن الشاعر فالعمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ولذا قال عليه السلام للأعرابي : قم صل فإنك لم تصل وكذا إذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل أيضاً ولذا جعل الله أعمال أهل الرياء والنفاق هباء منثوراً وقول من قال من العارفين حسن العمل نسيان العمل ورؤية الفضل هو من مراتب الإخلاص فٌّ الإخلاص سر عظيم من أشسرار الله تعالى لا ياله إلا الخواص وفي الاشارد ايثار صيغة التفضيل مع أن الابتلاء شامل لهم باعتبار أعمالهم المنقسمة إلى الحسن والقبيح أيضا لا إلى الحسن والأحسن فقط للإيذان بأن المراد بالذات والمقصد الأصلي من الابتلاء هو ظهور كمال إحسان المحسنين مع تحقق أصل الإيمان والطاعة في الباقين أيضاً لكمال تعاضد الموجبات له وإما الإعراض عن ذلك فلكونه بمعزل من الاندراج تحت الوقوع فضلاً عن الانتظام في سلك الغاية للأفعال الإلهية وإنما هو عمل يصدر عن عامله بسوء اختياره من غير مصحح له ولا تقريب انتهى.
ثم إن المراد أيكم عمله أحسن من عمل غيره ولا معنى لقول السجاوندي في عين المعاني استفهام بمعنى الهمزة ولذا لم يعمل فيه الفعل تقديره ءأنتم أحسن عملا أم غيركم انتهى.
فإنه يشعر بأن يكون التفاوت بالنسبة إلى الإنسان وغيره كالملائكة ومؤمني الجن مثلاً ولسي بمراد وعبارة القرآتان في إسناد الحسن إلى الإنسان تدل على أن من كان عمله أحسن كان هو أحسن ولو أنه أبشع الناس منظر أو من كان عمله أسوأ كان بخلاف ذلك.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٧٢
رءراست بايدند بالاي راست
كه كافرهم ازروى صورت وماست
ولم يقل أكثر عملاً لأنه لا عبرة بالكثرة مع القبح قالوا والحسن إنما يدرك بالشرع فما حسنه الشرع فهو حسن وما قبحه فهو قبيح وقال بعضهم : ليبلوكم أيكم أحسن أخذاً من حياته لموته وأحسن هبة في دنياه لآخرته قال النبي لعبد بن عمر رضي الله عنهما خذ من صحتك لسقمك ومن شبابك لهرمك ومن فراغك لشغلك ومن حياتك لموتك فإنك لا تدري ما اسمك غداً وسئل عليه السلام، أي المؤمنين اكيس قال أكثرهم للموت ذكراً وأحسنه له استعداداً فالاستعداد للموت وللآخرة بكثرة الأعمال المقارنة للإخلاص سواء كانت صلاة أو صوماً أو زكاة أو حجاً أو نحوها وإن كان لبعض الأعمال تفاوت بالنسبة
٧٧
إلى البعض الآخر كالصلاة فإنها معراج الشهود وفيها كسر النفس وإتعاب البدن ولذا كان السلف الصالح يكثرون منا حتى إن منهم من يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ونحوها وكالصوم وتقليل الطعام فإنه سبب لورود الحكمة الإلهية إلى القلب ولذا كان بعض السلف يوصلون فمنهم من يطوي ثلاثة أيم ومنهم من يطوي فوق ذلك إلى سبعة إلى ثلاثين إلى أربعين فمن طوى أربعين يوماً انفتح له بابا لحكمة العظمى مع أن في الصوم تهذيب الأخلاق أيضاً فإن أكثر المفاسد يجبيء من قبل ل والشرب فيا أيها المؤمنون سابقوا واسارعوا فالنفس مطية والدنيا مضمار والسابقون السابقون أولئك المقربون وقد قال عليه السلام، قد سبق المفردون والتفريد هو تقطيع الموحد عن الأنفس والآفاق وشهود الحق في عالم الإطلاق فلا بد من السير والسلوك ثم الطيران في هواء الوحدة ولهوية الذاتية فإن به يحصل لانفصال عن منازل لأكوان السفلية الحادثة ويتحقق العروج إلى عالم الوجوب والقدم نسأل الله من فضله أن يرينا وجهه الكريم إنه هو البر الرحيم وهو} أي والمال إنه وحده ﴿الْعَزِيزُ﴾ الذي لا يفوته من أساء العمل ﴿الْغَفُورُ﴾ لمن شاء منهم بالوبة وكذا بالفضل قال بعضهم لما كان العزيز منا يهلك كل من خالفه إذا علم بمخالفته قال مرغباً للمسيء في التوبة حتى لا يقول مثلي لا يصلح للخدمة لمالي من القاطعة وأين التراب ورب الأرباب الغفور الذي ستر ذنوب المسيء ويتلقى من أقبل إليه أحسن تلققٍ كما قال في الحديث القدسي ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ﴿الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ أبدعها من غير مثال سبق
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٧٢


الصفحة التالية
Icon