واعلم أن في كل دركة منها فرقة من فرق العصاة كعصاة أهل التوحيد والنصارى واليهود والصابئة والمجوس والمشركين والمنافقين ولم يذكروا الشياطين في واحدة من الدركات السبع وللعهم يقسمون على مراتب إضلالهم فيدخل كل قسم منهم مع قسم تبعه في إضلاله فكان سبباً لدخوله في دركة من الدركات الست التحتانية جزاء للاله وإضلاله واذية لمن تبعه فيما دعا إليه بمصاحبته ومقارنته كما قال تعالى :[إبراهيم : ٤٩-٦]﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَااِذٍ مُّقَرَّنِينَ﴾ وفي الآية إشارة إلى شياطين الخواطر النفسانية والهواجس الظلمانية وعذابها عذاب الرد والانقلاب بغلبة الخواطر الملكية والرحمانية وللذين كفروا بربهم} من الشياطين وغيرهم وكفرهم به إما بالتعطيل أو بالإمساك وقال سعدي المفتي الأظهر حمله على الكفرة غير الشياطين كما يشعر به ما بعده ولئلا يلزم شبه التكرار ﴿عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ أي الدركة النارية التي تلقاهم بالتجهم والعبوسة يقال رجل جهم الوجه كالح منقبض وفيه إشارة إلى إن عذابه تعالى وانتقامه خارج عن العادة لكونه ليس بسيف ولا سوط ولا عصا ونحوها بل بالنار الخارجة عن الانطفاء وليس للكافر المعذب من الخلاص رجاء ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ أي جهم وقال بعضهم : جهنم من الجهنام وهي بئر بعيدة القعر ففيه إشارة إلى أن أهل النار مبعدون عن جمال الله تعالى وعن نعيم الجنة محرقون في نار البعد والقطيعة نسأل الله العافية قال في فتح الرحمن تضمنت هذه الآية إن عذاب جهم للكافرين المخلدين وقد جاء في الأثر إنه يمر على جهم زمن تخفق أبوابها قد أخلتها الشفاعة فالذي في هذه الآية هي جهنم بأسرها أي جميع الطبقات والتي في الأثر هي الطبقة العليا لأنها مقر العصاة انتهى.
وهو مراد من قال من كبار المكاشفين يأتي زمان تبقى جهنم خالية عن أهلها وهم عصاة الموحدين ويأتي على جهنم زمان ينبت في قعرها الجرجير وهي بقلة
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٧٢
﴿إِذَآ أُلْقُوا﴾ أي الذين كفروا أي في جهنم وطرحوا كما يطرح الحطب ي النار العظيمة وفي إيراد إلا لقاء دون الإدخال إشعار بتحقيرهم وكون جهنم سفلية ﴿سَمِعُوا لَهَا﴾ أي لجهنم نفسها
٨٢
وهو متعلق بمحذوف وقع حالاً من قوله ﴿شَهِيقًا﴾ لأنه في الأصل صفة فلما قدمت صارت حالاً أي سمعوا كائناً لها شهيقاً أي صوتاً كصوت الحمير الذي هو أنكر الأصوات وأفظعها غضباً عليهم وهو حسيسها النمكر الفظيع كما قال تعالى :[الأنبياء : ١٠٢-٧]﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ قالوا : الشهيق في الصدر والزفير في الحلق أو شهيف الحمار آخر صوته والزفير أوله والشهيق رد النفس والزفير إخراجه وهي تفور} أي والحال أنها تغلي بهم عليان المرجل بما فيها من شدة التلهب والتسعر فهم لا يزالون صاعدين هابطني كالحب إذا كان الماء يغلي به لإقرار لهم أصلاً الفور شدة الغليان ويقال ذلك في النار وفي القدر وفي الغضب وفوارات الماء سميت تشبيهاً بغليان القدر وفعلت كذا من فوري أي من غليان الحال وفارة المسك تشبيهاً به في الهيئة كما في المفردات قال بعضهم : نطقت الآية بأن سماعهم يكون وقت الإلقاء على ما هو المفهوم من إذا وعلى المفهوم من قوله وهي تفوران يكون بعده اللهم إلا أن تغلي بما فيها كائناً ما كان ويؤول إذا ألقوا بإذا أريد الإلقاء أو إذا قربوا من الإلقاء بناء على أن صوت الشهيف يقتضي أن يسمع قبل الإلقاء انتهى.
﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ الجملة خبر آخر وتميز أصله تتميز بتاءين والتميز الانقطاع والانفصال بين المتشابهات والغيظ أشد الغضب يقال يكاد فلان ينشق من غيظه إذا وصف بالإفراط في الغضب والمعنى تكاد تتفرق جهنم من شدة الغضب عليهم أي قرب أن يتمزق تركيبها.
وينفصل بعضه من بعض وبالفارسية نزديكست كه اره اره شود دوزخ از شدت خشم بركافران.


الصفحة التالية
Icon