شبه اشتعال النار بهم في قوة تأثيرها فيهم وإيصال الضرر إليهم باعتياظ المغتاظ على غيره المبالغ في إيصال الضرر إليه فاستعير اسم الغيظ لذلك الاستعمال استعار تصريحية قال الامام لعل سبب هذا المجاز إن دم القلب يغلي عند الغضب فيعظم مقداره فيزداد امتلاء العروق حتى يكاد يتمزق قال في المناسبات وكان حذف إحدى التءاين إشارة إلى أنه يحصل افتراق واتصال لعى وجه من السرعة لا يكاد يدكر حق الإدراك وذلك كله لغضب سيدها وتأتي يوم القيامة تقاد إلى المحشر ألف زمام لكل زمام سبعون ألف ملك يقود ونهابه وهي من شدة الغيظ تقوى على الملائكة وتحمل على الناس فتقطع الأزمة جميعاً وتحطم أهل المحشر وتقول لأئتقمن اليوم ممن أكل رزق الله وعيد غيره فلا يردها عنهم إلا النبي صلى الله عليه وسلّم يقابلها بنوره فترجع مع أن لكل ملك من القوة ما لو أمر به أن يقتلع الأرض وما عليها من الجبال ويصعد بها فعل من غير كلفة وهذا كما أطفأها في الدنيا بنفحة كما قال عليه السلام :"لقد أدنيت مني النار حتى جعلت أنفثها خشية أن تغشاكم" قال بعضهم : تلك المهوات لشدة منافاتها بالطبع لعالم النور وأصل فطرة النفس ليشتد غيظها على النفوس كما أن شدة منافرة الطباع بعضها بعضاً تستلزم شدة العداوة والبغض المقتضية لشدة الغيظ.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٧٢
يقول الفقير : تقرر من هذا البيان ودل سائر الآثار الصحيحة أيضاً إن جهنم لها حياة وشعور كسائر الإحياء ولذا يصدر منها كما يصدر منهم فلا حاجة إلى ارتكاب المجاز عند أهل الله تعالى في أمثال ذلك قال جعفر الطيار رضي الله عنه كنت مع النبي عليه السلام، في طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي
٨٣
عليه السلام، وكان خذآءنا جبل فقال عليه السلام : بلغ مني السلام إلى هذا الجبل وقل له يسقيك إن كان فيه ماء قال فذهبت إليه وقلت السلام عليك أيها الجبل فقال الجبل ينطق بنطق فصيح لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامي إلى رسول الله وقل منذ سمعت قوله تعالى :[الملك : ٨]﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ بكيت لخوف أن أكون من الحجارة التي هي وقود انار بحيث لم يبق في ماء كلما ألقى} الإلقاء بيفكندن ﴿فِيهَا﴾ أي في جهنم ﴿فَوْجٌ﴾ جماعة من الكفرة يدفع الزبانية لهم الذين هم أغيظ عليهم من النار وهو استئناف مسوق لبيان حال أهلها بعد بيان حال نفسها ﴿سَأَلَهُمْ﴾ أي ذلك الفوج وضمير الجميع باعتبار المعنى ﴿خَزَنَتُهَآ﴾ أي خزنة النار وهي مالك وأعوانه من الربانية بطريق التوبيخ والتقريع ليزدادوا عذاباًفوق عذاب وحسرة أي ليزدادوا العذاب الروحاني على العذاب الجسماني جمع خازن بمعنى الحافظ والموكل يعرف ذلك من قولهم بالفارسية خزينة دار.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٧٢


الصفحة التالية
Icon