﴿هُوَ﴾ وحده ﴿الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ﴾ أي لمنافعكم ﴿الارْضَ﴾ اختلفوا ف مبلغ الأرض وكميتها فروى عن مكحول إنه قال ما بين أقصى الدنيا إلى أدناها مسيرة خمسمائة سنة مائتان من ذلك في البحر ومائتان ليس يسكنها أحد وثمانون فيها يأجوج ومأجوج وعشرون فيها سائر الخلق وعن قتادة إنه قال الدنيا إن بسيطها من حيث يحيط بها البحر المحيط أربعة وعشرون ألف فرسخ فملك السودان منها اثنا عشر ألف فرسخ وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ وملك العجم والترم ثلاثة آلاف فرسخ وملك العرب ألف فرسخ وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، إنه قال : ربع من لا يلبس الثياب من السودان أكثر من جميع الناس وقد خرج بطليموس مقدار قطر الأرض واستدارتها في المجطي بالتقريب وهو كتاب له يذكر فيه القواعد التي يتوسل بها في إثبات الأوضاع الفلكية والأرضية بأدلتها التفصيلية قال استدارة الأرض مائة ألف وثمانون ألف ساطاربوس وهي أربعة وعشرون ألف ميل فتكون على هذا الحكم ثمانية اف فرسخ والفرسخ ثلاثة يال والميل ثلاثة آلاف ذراع بالمكي والذراع ثلاثة أشبار وكل شبر اثنتا عشرة أصبعاً والأصبع خمس شعيرات مضمومات بطون بعضها إلى بعض وعرض الشعيرة الواحدة ست شعرات من شعر بغل والاسطاربوس أربعمائة ألف ذراع قال وغلظ الأرض وهو قطرها سبعة آلاف وستمائة وثلاثون ميلاً يكون الفين وخمسمائة فرسخ وخمسة وأربعين فرسخاً وثلثي فرسخ قال فبسيط الأرض كلها مائة واثنان وثلاثون ألف ألف وستمائة ألف ميل فيكون مائتي ألف وثمانية آلاف فرسخ قال صاحب الخريدة فإن كان ذلك حقاً فهو وحي من الحق أو الهام وإن كان قياساً واستدلالاً فهو قريب أيضاً من الحق وأما قول قتادة ومكحول فلا يوجب العلم اليقيني الذي يقطع على الغيب به انتهى ﴿ذَلُولا﴾ أي لينة منقادة اية الانقياد لما تفهمه صيغة المبالغة يسهل عليكم السلوك فيا لتتوصلوا إلى ما ينفعكم وبالفارسية نرم ومناقدتا آسان باشد سير شماربران.
ولو جعلها صخرة خشنة تعسر المشي عليا أو جعلها لينة منبتة يمكن فيها حفر الآبار وشق العيون والأنهار وبناء الأبنية وزرع الحبوب وغرس الأشجار ولو كانت صخرة صلبة لتعذر ذلك ولكانت حارة في الصيف جداً وباردة في الشتاء فلا تكون كفاتاً للإحياء والأموات وأيضاً ثبتها بالجبال الراسبات كيلا
٨٨
تتمايل وتنق بأهلها ولو كانت مضطربة متمايلة لما كان منقادة لنا فكانت على صورة الإنسان الكامل في سكوتها وسكونها وكانت هي وحقائقها في مقابلة القلم الأعلى والملائكة المهيمة والحاصل إن الله تعالى جعل الأرض بحيث ينتفع بها وقسمها إلى سهول وجبال وبراري وبحار وأنهار وعيون وملح وعذب وزرع وشجر وتراب وحجر ورمال ومدر وذات سبع وحيات وفارغة وغير ذلك بحكمته وقدرته قال سهل قدس سره خلق الله الأنفس ذلولاً فمن أذلها بمخالفتها فقد نجاها من الفتن والبلاء والمحن ومن لم يذلها وأتبعها أذلته نفسه وألكته يقال دابة ذلول بينة الذل أو هو بالكسر اللين والانقياد وهو ضد الصعوبة فالذلول من كل شي المنقاد الذي يذل لك وبالضم الهوان ضد العز قال الراغب الذل ما كان عن قهر يقال ذل يذر ذلاً والذل ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر يقال ذل يذل ذلاً وجعلهما البيهقي في تاج المصادر من الباب الثاني حيث قال في ذلك الكتاب والباب الذل خورشدن والذل رام شدن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٧٢


الصفحة التالية
Icon