والغالب إن النطفة إذا خبثت خبث الولد الناشيء منها ومن ثمة قال رسول الله عليه السلام : لا يدخل الجنة ولد الزنى ولا ولده ولا ولد ولده كما في الكشاف وفي الحديث : لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنى فإذا فشا فيهم ولد الزنى أو السكران يعمهم الله بعذابه وفي حديث آخر : ولد الزنى شر الثلاثة قال الرهاوي في شرح المنار هذا في مولود خاص لأنا قد نشاهد ولد الزنى أصلح من ولد الرشدة في أمر الدين والدنيا ويستحق جميع الكرامات من قبول شهادته وعبادته وصحة قضائه وأمامته وغير ذلك فالحديث ليس على عمومه انتهى.
يقول الفقير : إذا كان الرضاع بغير الطباع فإن من ارتضع امرأة فالغالب عليه أخلاقها من خير وشر فما ظنك بالزنى ولا عبرة بالصلاح الظاهر والكرامات الصورية وفي الحديث : ولدت من نكاح لا من سفاح وكذا سائر الأنبياء عليهم السلام وجميع الأولياء الكرام
١١٢
قدس سره أسارهم فالزنى أقبح من الكفر من وجه فإن الله يخرج الحي من الميت أي المؤمن من الكافر بخلاف الرشيد من الزاني فولد الزنى لا يصلح للولاية الحقيقية وإن كان صالحاف للولاية الصورية وقيل نزلت الآية في الأخنس ابن شريف واسمه أبي وكان ثقفبا مصطلقياً في قريش فلذك قال زنيم لا على جهة الذم لنسبه ولكن على جهة التعريف به ذكره السهيلي، قال ابن عطية : وظاهر اللفظ عموم من بهذه الصفة والمخاطبة بهذا المعنى مستمرة باقي الزمن لا سيما لولاة الأمور قال في فتح الرحمن ثم هذا الترتيب إنما هو في قول الواصف لا في حصول تلك الصفات في الموصوف وإلا فكونه عتلا هو قبل كونه صاحب خير يمنعه وفي برهان القرآن قوله حلاف إلى قوله زنيم أوصاف تسعة ولم يدخل بينها واو العطف ولا بعد السابع فدل على أن ضعف القول بواو الثمانية صحيح أن كان ذا مال وبنين} متعلق بقوله تعالى :[العلق : ١٩-١٥]﴿وَلا تُطِعْ﴾ على حذف الجاراي لا تطع من هذه مثاليه لأن كان مثولاً ذا مال كثير مستظهراً بالبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} استئناف جار مجرى التعليل المنهي أي إذا تقرأ عليه آيات كلامنا القديم قال هي أحاديث لا نظام لها اكتتبوها كذباً فيما زعموه لقوله اكتتبها فهي تملى عليه وبالفارسية افسا نهاي يشينيانست.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٠٠
وقال السدي اساجيع الأولين أي جعل مجازاة النعم التي خولناها من المال والبنين الكفر بآياتنا قال البرد الأساطير جمع أسطورة نحواً حدوثة وأحاديث وقد سبق غير هذا وفي التأويلات النجمية : لا تطع الحلاف المهين الحقير في نفسه بسبب ثروة أعماله المنسوبة إلى الرياء والسمعة وبنين الأحوال لمطعونة بالعجب والإعجاب إذا تتلى عليه آياتنا من الحقائق والدقائق قال أساطير الأولين ما سطره الصوفية المتقدمون وهي من ترهاتهم وخرافاتهم ﴿سَنَسِمُه عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ أصله سنوسمه من الوسم وهو إحداث السمة بالكسر أي العلامة وبالفارسية داغ كردن.
والميسم بالكسر المكواة أي آلة الكي والخرطوم كزنبور الألف أو مقدمه أو ما ضممت عليه النكين كالخرطم كقنفذ كما في "القاموس"، والمعنى سنجعل له سمة وعلامة يعرف بها بالكي على أكرم مواضعه لغاية إهانته وإذلاله إذ لأنف أكرم موضع من الوجه لتقدمه له ولذلك جعلوه مكن العز والحمية واشتقوا منه الأنفة وقالوا الأنف بالأنف وحمى أنفه وفلان شامخ العرنين وقالوا في الذليل جدع أنفه ورغم أنفه ولقد وسم العباس رضي الله عنه أباعره في وجوهها فقال له رسول الله عليه السلام :"أكرموا الوجوه فوسمها في جواعرها" أي : في أدبارها وفي التعبير عن الأنف بلفظ الخروطوم استهانة بصاحبه واستقباح له، لأنه لا يستعمل إلا في الفيل وخنزير وكلما كان الحيوان أخبث وأقبح كانت الاستهانة والاستقباح أشد وأكثر قيل : أصاب أنف الولد جراحة يوم بدر فبقيت علامتها قال صاحب الكشف هو ضعيف فإن الوليد مات قبله فلم يوسم بوسم بقى أثره مدة حياته وقال الراغب : نلزمه عاراً لا ينمحى عنه كما قال صاحب الكشاف هو عبارة عن أن يذله غاية الإذلال وذلك لأن الوجه أكرم موضع والأنف أبين عضو منه فالوسم على الأنف غاية الإذلال والإهانة لأن الوسم على الوججه شين فكيف إذا كان على أظهر موضع منه وكما قال العتبي وصف الله الوليد بالحلف والمهانة والهمز والمشي بالنميمة والبخل والظلم
١١٣
والإثم والجفوة والدعوة فألحق به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة، قال : والذي يدل عى هذا ما روى عن الشعبي في قوله عتل حيث قال العتل الشديد والزنيم الذي له زنمة من الشر، يعرف بها كما تعرف الشاة وقيل : سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يعلم بها من سائر اكفرة بأن نسود وجه غاية التسويد إذ كان بالغاً في عدغوة سيد المرسلين عليه وعليهم الصلاة والسلام أقصى مراتب العداوة فيكون الخطوم مجازاً عن الوجه على طريق ذكر الجزء وإرادة الكل.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٠٠