قال أبو الليث وذلك إن المسلمين إذا رفعوا رؤوسهم من السجود صارت بيضاء كاثلج فلما نظر إليهم اليهود والنصارى والمنافقون وهم الذين لم يقدروا على السجود حزنوا واغتموا واسودت وجوههم كما قال تعالى :﴿تَرْهَقُهُمْ﴾ تلحقهم وتغشاهم فإن الرهق غشيان الشيء الشيء ﴿ذِلَّةٌ﴾ شديدة تخزيهم كأنه تفسير لخشوع أبصارهم يقال ذل يذل ذلاً بالضم وذلة بالكسر وهو ذليل يعني خوار ﴿وَقَدْ كَانُوا﴾ في الدنيا ﴿يَدَّعُونَ﴾ دعوة التكليف ﴿إِلَى السُّجُودِ﴾ أي إليه والإظهار في الموضع الإضمار لزيادة التقرير أولأن المراد به الصلاة أو ما فيها من السجود وخص السجود بالذكر من حيث إنه أعظم الطاعات قال بعضهم يدعون بدعوة الله ريحاً مثل قوله تعالى :[القلم : ٤٣]﴿وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا﴾ أو ضمناً مثل قوله تعالى : أقيموا الصلاة فإن الدعوة إلى الصلاة دعوة إلى السجدة وبدعوة رسول الله عليه اسلام صريحاً كقوله عليه السلام، أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء قالوا أي السجود أو ضمناً كقوله علي السلام صلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أمولكم وأطيعوا إذا أمركم تدخلوا جنة ربكم وبدعوة علماء كل عصر ومن أعظم الدعوة إلى السجود إذ إن المؤذنين وإقامتهم فإن قولهم حي على الصلاة دعوة بلا مرية فطوبى لمن أجاب دعوتهم بطوع لا بإكراه امتثالاً لقوله تعالى : أجيبوا داعي الله والجملة حال من ضمير يدعون وهم سالمون} حال من مرفوع يدعون الثاني أي أصحاء في الدنيا سلمت أعضاؤهم ومفاصلهم من الآفات والعلل متمكنون منأداء السجدة وقبول الدعوة أقوى تمكن أي فلا يجيبون إليه ويأبونه وإنما ترك ذكره ثقة بظهوره وبالفارسية وايشان تندرست بودند وقادر بران ون فرصت فوت كردند درين روز جز حسرت وندامت بهرء ندارند.
مد فرصت از دست كر بايدت
كه كوى سعادت زميدان برى
كه فصت عزيزست ون فوت شد
بسى دست حسرت بدندان برى
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٠٠
وفي الآية وعيد لمن ترك الصلاة المفروضة أو تخلف عن الجماعة المشروعة قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ادع الله أن يرزقني مرافقتك في الجنة، فقال : أعني بكثرة السجود وكان السلف يعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتهم التكبير الأول وسبعة إذا فاتهم الجماعة قال أبو سليمان الداراني قدس سره أقمت عشر بن سنة ولم أحتلم فدخلت مكة فأحدثت بها حدثاً فما أصبحت إلا احتلمت وكان الحدث إن فاتته صلاة العشاء بجماعة وقال الشيخ أبو طالب المكي قد سره : في قوت القلوب ولا بد مق صلاة الجماعة سيما إذا سمع التأذين
١٢٣
أو كان في جوار المسجد وحد الجوار أن يكون بينه وبين المسجد مائة دار وأولى المساجد التي يصلي فيها أقربها إليه إلا أن يكون له نية في الأبعد لكثرة الخطي أو لفضل أمام فيه فالصلاة خلف العالم الفاضل أفضل أو يريد أي يعمر بيتاً من بيوت الله بالصلاة فيه وإن بعد وقال سيعد ابن المسيب رحمه الله من صلى الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة، قال أبو الدرادء رضي الله عنه حالفاً بالله تعالى من أحب لأعمال إلى الله ثلاثة أمر بصدقة وخطوة إلى صلاة جماعة وأصلاح بين الناس وفي الآية إشارة إلى أنه يرفع الحجاب ويبقى المحجوبون في جاب ا نيتهم ويشتد عليهم الأمر ويدعون إلى الفناء في الله فلا يستطيعون لإفساد استعدادهم الفطري بالركون إلى الدنيا وشهواتها ذليلة أبصارهم متحيرة لذهاب قوتها النورية تلحقهم ذلة الحجاب وهو أن الاحتجاب وقد كانوا في زمان استعدادهم يدعون إلى سجود الفناء بترك اللذات والشهوات وهم نائمون في نوم الغفلة لا يرفعون له رأساً الفساد استعداد مزاجهم بالعلل النفسانية والأمراض الهيولانية ﴿فَذَرْنِى وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـاذَا الْحَدِيثِ﴾ من منصوب للعطف على ضمير المتكلم أو على إنه مفعول معه وهو مرجحوح لإمكان العطف من ير ضعف أي وإذا كان حالهم في الآخرة كذلك فدعني ومن يكب بالقرآن وخل بيين وبينه ولا تشغل قلبك بشأنه وتوكل عى في الانتقام منه فإني عالم بما يستحقه من العذاب ويطيق له وكافيك أمره يقال ذرني وإياه يريدون كله إلى فإني أكفيك قال في فتح الرحمن وعيد ولم يكن ثمة مانع ولكنه كما تقول دعني مع فلان أي سأ عاقبه والحديث القرآن لأن كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه يقال له حديث ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم﴾ يقال استدركه إلى كذا إذا استنزله إليه درجة درجة حتى يورطه فيه وفي تاج المصادر الاستدراج اندك اندك نزديك دانيدن خداي بنده را بخشم وعقوبت خود.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٠٠


الصفحة التالية
Icon