﴿وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ تبدل الشيء بالشيء واستبداله به أخذ الأول بدل الثاني بعد أن كان حاصلاً له أو في شرف الحصول أي لا تستبدلوا الحلال المكتسب بالحرام المغتصب يعني لا تستبدلوا مال اليتامى وهو حرام بالحلال وهو مالكم وما أبيح لكم من المكاسب ورزق الله المبعوث في الأرض فتأكلوه مكانه ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ المراد من الأكل التصرف لأن أكل مال اليتيم كما يحرم فكذا سائر التصرفات المهلكة لتلك الأموال محرمة والدليل عليه أن في المال ما لا يصح أن يؤكل وإنما ذكر الأكل لأنه معظم ما يقع لأجله التصرف وإلى بمعنى مع قال تعالى :﴿مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللَّهِ﴾ أي مع الله والأصح أن المعنى لا تأكلوها مضمومة إلى أموالكم ولا تسووا بينها وهذا حلال وذاك حرام وقد خص من ذاك مقدار أجر المثل عند كون الولي فقيراً وإذا أكل مال اليتيم وله مال كان ذلك أقبح ولذا ورد النهي عن أكله مع مال نفسه بعد أن قال : ولا تتبدلوا الخ ﴿إِنَّهُ﴾ أي الأكل المفهوم من النهي ﴿كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ أي ذنباً عظيماً عند الله فاجتنبوه.
ـ روي ـ أن رجلاً من بني غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى النبي عليه السلام فنزلت هذه الآية فلما سمع العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير فدفع إليه ماله فقال النبي صلى الله عليه وسلّم "من يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فإنه يحل داره" يعني : جنته فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله فقال عليه السلام :"ثبت الأجر وبقي الوزر" فقالوا : كيف بقي الوزر؟ فقال :"ثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده"، قال الشيخ السعدي قدس سره :
از زر وسيم راحتي برسان
خويشتن هم تمتعي بر كير
ونكه اين خانه ازتو خواهد ماند
خشتى ازسيم وخشتى از زركير
١٦١
قال تعالى :﴿وَءَاتُوا الْيَتَـامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ تزكية من آفة الحرص والحسد والدناءة والخسة والطمع وتحلية بالأمانة والديانة وسلامة الصدر وقال :﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ تزكية من الجور والحيف والظلم وتحلية بالعدل والإنصاف فإن اجتماع هذه الرذائل ﴿إِنَّه كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ أي حجاباً عظيماً.
فعلى العاقل أن يزكي نفسه من الأخلاق الرديئة ولا يطمع في حق أحد جل أو قل بل يكون سخياً باذلاً ماله على الأرامل والأيتام ويراعي حقوقهم بقدر الإمكان.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ست موبقات ليس لهن توبة : أكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، والسحر، والشرك بالله، وقتل نبي من الأنبياء.
ويقال : طوبى للبيت الذي فيه يتيم.
وويل للبيت الذي فيه يتيم يعني ويل لأهل البيت الذي لم يعرفوا حق اليتيم وطوبى لهم إذا عرفوا حقه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦١
يكى خار اي يتيمي بكند
بحواب اندرش ديد صدر خجند
كه ميكفت ودر روضها مى ميد
كزاي خار بر من ه كلها دميد
ـ وروي ـ أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : عندي يتيم مم ضربه قال :"مما تضرب ولدك" يعني لا بأس أن تضربه للتأديب ضرباً غير مبرح مثل ما يضرب الوالد ولده.
ـ وروي ـ عن الفضيل بن عباس أنه قال : رب لطمة انفع لليتيم من أكلة خبيص.
قال الفقيه في "تنبيه الغافلين" إن كان هذا يقدر أن يؤدبه بغير ضرب ينبغي له أن يفعل ذلك ولا يضربه فإن ضرب اليتيم أمر شديد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "إن اليتيم إذا ضرب اهتز عرش الرحمن لبكائه فيقول الله : يا ملائكتي من أبكى الذي غيبت أباه في التراب وهو أعلم به قال : تقول الملائكة : ربنا لا علم لنا قال : فإني أشهدكم أن من أرضاه أرضه من عندي يوم القيامة".
وبيني يتيمي سرافكند يش
مده بوسه برروى فرزند خويش
يتيم اربكريد كه بارش برد
وكر خشم كيرد كه نازش خرد
ألا تانكريد كه عرش عظيم
بارزد همي ون بكريد يتيم
اكرسايه خودبرفت ازسرش
تو درسايه خويشتن رورش
قال الله تعالى لداود النبي عليه السلام :(كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك كما تزرع كذلك تحصد).
واعلم أن المرأة الصالحة لزوجها كالملك المتوّج بالذهب كلما رآها قرت عينه والمرأة السوء لبعلها كالحمل الثقيل على الشيخ الكبير :
كراخانه آباد وهمخوابه دوست
خدارا برحمت نظر سوى اوست
دلارام باشد زن نيك خواه
وليك از زن بدخدايا ناه
تهى اي رفتن به از كفش تنك
بلاي سفر به كه درخانه جنك
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦١


الصفحة التالية
Icon