كتاب الله والعمل بها أحب إلي من ختم القرآن ألف ألف مرة وإدخال السرور على المؤمن وقضاء حاجته أحب إلي من عبادة العمر كله وترك الدنيا ورفضها أحب إليّ من التعبد بعبادة أهل السموات والأرض وترك دانق من حرام أحب إلي من مائتي حجة من المال الحلال.
وقال أبو القاسم الحكيم : ثلاثة أشياء تنزع الإيمان من العبد : أولها ترك الشكر على الإسلام، والثاني : ترك الخوف على ذهاب الإسلام، والثالث : الظلم على أهل الإسلام وعن أبي ميسرة قال : أتى بسوط إلى رجل في قبله بعدما دفن يعني جاءه منكر ونكير فقالا له : إنا ضارباك مائة سوط فقال : الميت أنا كنت كذا وكذا يتشفع حتى حطا عنه عشراً ثم لم يزل بهما حتى صارت إلى ضربة واحدة فقالا له : إنا ضارباك ضربة واحدة فضرباه ضربة واحدة التهب القبر ناراً فقال : لم ضربتماني قالا مررت برجل مظلوم فاستغاث بك فلم تغثه فهذا حال الذي لم يغث المظلوم فكيف يكون حال الظالم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦١
واعلم أن الكبار يكفون أنفسهم عن المشتبهات فضلاً عن الحرام فإن اللقمة الطيبة لها أثر عظيم في إجابة الدعاء ولذا قال الشيخ نجم الدين الكبرى قدس سره : أول شرائط إجابة الدعاء إصلاح الباطن بلقمة الحلال وآخر شرائطها الإخلاص وحضور القلب يعني التوجه الأحدي إذ القلب الحاضر في الحضرة شفيع له قال تعالى :﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (غافر : ١٤) فحركة الإنسان باللسان وصياحه من غير حضور القلب ولولة الواقف على الباب وصوت الحارس على السطح فعلى العاقل أن يحترز عن الحرام والمشتبهات كي يستجاب دعاؤه في الخلوات ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ﴾.
ـ روي ـ أن أوس بن صامت الأنصاري رضي الله عنه خلف زوجته أم كحة وثلاث بنات فزوى ابنا عمه سويد وعرفطة ميراثه عنهن على سنة الجاهلية فإنهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال ويقولون : إنما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة فجاءت أم كحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في مسجد الفضيخ فشكت إليه فقال :"ارجعي حتى أنظر ما يحدث الله" فنزلت هذه الآية فبعث إليهما لا تفرقا من مال أوس شيئاً فإن الله قد جعل لهن نصيباً ولم يبين حتى يبين فنزل يوصيكم الله الخ فأعطى أم كحة الثمن والبنات الثلثين والباقي لابني العم والمعنى لذكور أولاد الميت حظ كائن ﴿مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالاقْرَبُونَ﴾ من ذوي القرابة للميت والمراد المتوارثون منهم دون المحجوبين عن الإرث وهم الأبوان والزوجان والإبن والبنت ﴿وَلِلنِّسَآءِ﴾ أي لجماعة الإناث ﴿نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالاقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ﴾ مما الأخيرة بإعادة الجار بدل وإليها يعود الضمير المجرور وهذا البدل مراد في الجملة الأولى أيضاً محذوف للتعويل على المذكور وفائدته دفع توهم اختصاص بعض الأموال ببعض الورثة كالخيل وآلات الحرب للرجال وتحقيق أن لكل من الفريقين حقاً من كل ما جل ودق.
﴿نَصِيبًا مَّفْرُوضًا﴾ نصب على الاختصاص أي أعني نصيباً مقطوعاً مفروضاً واجباً لهم وفيه دليل على أن الوارث لو أعرض عن نصيبه لم يسقط حقه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦١
﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾ أي : قسمة التركة والميراث.
﴿أُوْلُوا الْقُرْبَى﴾ للميت ممن لا يرث منه ﴿وَالْيَتَـامَى وَالْمَسَـاكِينُ﴾ من الأجانب ﴿فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ﴾ أي : أعطوهم شيئاً من المال المقسوم المدلول عليه بالقسمة أو مما ترك الوالدان والأقربون وهو أمر ندب كلف به البالغون
١٦٨
من الورثة تطييباً لقلوب الطوائف المذكورة وتصدقاً عليهم وكان المؤمنون يفعلون ذلك إذا اجتمعت الورثة وحضرهم هؤلاء فرضخوا لهم بشيء من ورثة المتاع فحثهم الله على ذلك تأديباً من غير أن يكون فريضة فلو كان فريضة لضرب له حد ومقدار كما لغيره من الحقوق ﴿وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَّعْرُوفًا﴾ وهو أن يدعوا لهم ويقولوا خذوا بارك الله عليكم ويستقلوا ما أعطوهم ويعتذروا من ذلك لاو يمنوا عليهم وكل ما سكنت إليه النفس وأحبته لحسنه شرعاً أو عقلاً من قول أو عمل فهو معروف وما أنكرته لقبحه شرعاً أو عقلاً فهو منكر وفي الحديث "كل معروف صدقة" وفي المثل أصنع المعروف والقه في الماء فإن لم يعرفه السمك يعرفه من سمك السماء :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٦٨
تونيكي كن بآب اندازاي شاه
اكر ما هي نداند داند الله


الصفحة التالية
Icon