رخ از آيينه امرش مكردان
زشرعش سر مي رويى
كه همون شانه ميكردى بمويى
قال الشيخ السعدي قدس سره :
خلاف يمبر كسى ره كزيد
كه هركز بمنزل نخواهد رسيد
محالت سعدى كه راه صفا
توان رفت جزبربي مصطفا
ثم في قوله تعالى :﴿وَخُلِقَ الانسَـانُ ضَعِيفًا﴾ إشارة إلى أن الإنسان لا يصبر عن الله لحظة لضعفه مهما يكون على الفطرة الإنسانية فطرة الله التي فطر الناس عليها فإنه يحبهم ويحبونه وهو ممدوح بهذا الضعف فإن من عداه يصبرون عن الله لعدم اضطرارهم في المحبة والإنسان مخصوص بالمحبة.
واعلم أن هذا الضعف سبب لكمال الإنسان وسعادته وسبب لنقصانه وشقاوته لأنه يتغير لضعفه من حال إلى حال ومن صفة إلى أخرى فيكون ساعة بصفة بهيمة يأكل ويشرب ويجامع ويكون ساعة أخرى بصفة ملك يسبح بحمد ربه ويقدس له ويفعل ما يؤمر ولا يعصى فيما نهاه عنه وهذه التغيرات من نتائج ضعفه وليس هذا الاستعداد لغيره حتى الملك لا يقدر أن يتصف بصفات البهيمة والبهيمة لا تقدر أن تتصف بصفة الملك لعدم ضعف الإنسانية وإنما خص الإنسان بهذا الضعف لاستكماله بالتخلق بأخلاق الله واتصافه بصفات الله كما جاء في الحديث الرباني "أنا ملك حي لا أموت أبداً عبدي أطعني أجعلك ملكاً حياً لا يموت أبداً" فعند هذا الكمال يكون خير البرية وعند اتصافه بالصفات البهيمية يصير شر البرية :
كي شوي انسان كام
أي دل ناقص عقل
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٩٢
يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَأْكُلُوا} أي : لا تأخذوا وعبر عن الأخذ بالأكل لأن المقصود الأعظم من الأموال الأكل فكما أن الأكل محرم فكذلك سائر وجود التصرفات ﴿أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَـاطِلِ﴾ أي : بوجه
١٩٤
غير شرعي كالغصب والسرقة والخيانة والقمار وعقود الربا والرشوة واليمين الكاذبة وشهادة الزور والعقود الفاسدة ونحوها.
﴿إِلا أَن تَكُونَ تِجَـارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ﴾ استثناء منقطع وعن متعلقة بمحذوف وقع صفة لتجارة أي إلا أن تكون التجارة تجارة عن تراض أو إلا أن تكون الأموال أموال تجارة وتلحق بها أسباب الملك المشروعة كالهبة والصدقة والإرث والعقود الجائزة لخروجها عن الباطل وإنما خص التجارة بالذكر لكونها أغلب أسباب المكاسب وقوعاً وأوفقها لذوي المروءات والمراد بالتراضي مراضاة المتبايعين بما تعاقدا عليه في حال المبايعة وقت الإيجاب والقبول عندنا وعند الشافعي حالة الافتراق عن مجلس العقد.
﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾ بالبخع كما يفعله جهلة الهند أو بإلقاء النفس إلى الهلكة.
ويؤيده ما روي أن عمراً بن العاص رضي الله عنه تأوله في التيمم لخوف البرد فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلّم أو بارتكاب المعاصي المؤدية إلى هلاكها في الدنيا والآخرة أو باقتراف ما يذللها ويرديها فإنه القتل الحقيقي للنفس وقيل المراد بالنفس من كان من جنسهم من المؤمنين فإن كلهم كنفس واحدة ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ أي أمر بما أمر ونهى عما نهى لفرط رحمته عليكم معناه إن كان بكم يا أمة محمدة رحيماً حيث أمر بني إسرائيل بقتل الأنفس ونهاكم عنه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٩٤
أي القتل أو إياه وسائر المحرمات المذكورة فيما قبل ﴿عُدْوَانًا وَظُلْمًا﴾ إفراطاً في التجاوز عن الحد وإتياناً بما لا يستحقه وقيل : أريد بالعدوان التعدي على الغير وبالظلم الظلم على النفس لتعريضها للعقاب ومحلهما النصب على الحالية أي متعدياً وظالماً ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ﴾ أي ندخله ﴿نَارًا﴾ أي ناراً مخصوصة هائلة شديدة العذاب ﴿وَكَانَ ذَالِكَ﴾ أي إصلاء النار ﴿عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ لتحقق الداعي وعدم الصارف.
قال الإمام : واعلم أن الممكنات بالنسبة إلى قدرة الله على السوية وحينئذٍ يمتنع أن يقال أن بعض الأفعال أيسر عليه من بعض بل هذا الخطاب نزل على القول المتعارف بيننا أو يكون معناه المبالغة في التهديد وهو أن أحداً لا يقدر على الهرب منه ولا على الامتناع عليه.
فعلى العاقل أن يتجنب عن الوقوع في المهالك ويبالغ في حفظ الحقوق وقد جمع الله في التوصية بين حفظ النفس وحفظ المال لأنه شقيقها من حيث أنه سبب لقوامها وتحصيل كمالاتها واستيفاء فضائلها ولذلك قيل :
توانكرانرا وقفست وبذل ومهاني
زكاة وفطرة وأعتاق وهدى وقرباني
توكي بدولت ايشان رسى كه نتواني
جزاين دور كعت وآن هم بصدير يشاني
فإن وفقت للمال فاشكر له وإلا فلا تتعب نفسك ولا تقتلها كما يفعله بعض من يفتقر بعد الغنى لغاية ألمه واضطرا به من الفقر قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة" وقال صلى الله عليه وسلّم "كان فيمن قبلكم جرح برجل ارابه فجزع منه فأخرج سكيناً فجزيها يده فما رأقرأ الدم حتى مات فقال الله تعالى بارزني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة" كذا في "تفسير البغوي" وكذلك حكم من قتل نفسه لفقر أو لغير ذلك من الأسباب.


الصفحة التالية
Icon