ـ روي ـ أن وحشياً قاتل حمزة عم النبي عليه السلام كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم إني أريد أن أسلم ولكن يمنعني من الإسلام آية في القرآن نزلت عليك وهو قوله تعالى :﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَـاهًا ءَاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ﴾ (الفرقان : ٦٨) وإني قد فعلت هذه الأشياء الثلاثة فهل لي من توبة؟ فنزلت هذه الآية ﴿إِلا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـالِحًا فأولئك يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْـاًا﴾ فكتب أن في الآية شرطاً وهو العمل الصالح فلا أدري أنا أقدر على العمل الصالح أم لا؟ فنزل قوله تعالى :﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِه وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَالِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾ (النساء : ٤٨) فكتب بذلك إلى وحشي فكتب إليه أن في الآية شرطاً فلا أدري أيشاء أن يغفر لي أم لا فنزل قوله تعالى :﴿قُلْ يا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّه إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ (الزمر : ٥٣) فكتب إلى وحشي فلم يجد الشرط فقدم المدينة وأسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "من مات ولم يشرك بالله شيئاً دخل الجنة" ورأى أبو العباس شريح في مرض موته كأن القيامة قد قامت وإذا الجبار سبحانه وتعالى يقول : أين العلماء؟ فجاءوا فقال : ماذا عملتم فيما علمتم فقلنا : يا رب قصرنا وأسأنا فأعاد السؤال فكأنه لم يرض به وأراد جواباً آخر فقلت : أما أنا فليس في صحيفتي شرك وقد وعدت أن تغفر ما دونه فقال الله تعالى اذهبوا فقد غفرت لكم ومات شريح بعده بثلاث ليال وهذا من حسن الظن بالله تعالى.
كنونت كه شمست اشكى ببار
زبان در دهانست عذري بيار
كنون بايدت عذر تقصير كفت
نه ون نفس ناطق زكفتن بخفت
غنيمت شمار اين كرامي نفس
كه بي مرغ قيمت ندارد قفس
واعلم أن للشرك مراتب وللمغفرة مراتب.
فمراتب الشرك ثلاث : الجلي والخفي والأخفى.
وكذلك مراتب المغفرة.
فالشرك الجلي بالأعيان وهو للعوام وذلك بأن يعبد شيء من دون الله تعالى كالأصنام والكواكب وغيرها فلا يغفر إلا بالتوحيد وهو إظهار العبودية في إثبات الربوبية مصدقاً بالسر والعلانية.
والشرك الخفي بالأوصاف وهو للخواص وذلك شوب العبودية بالالتفات إلى غير الربوبية في العبادة كالدنيا والهوى وما سوى المولى فلا يغفر إلا بالوحدانية وهي إفراد الواحد للواحد بالواحد.
والشرك الأخفى وهو للأخص وذلك رؤية الأغيار والأنانية فلا يغفر إلا بالوحدة وهي فناء الناسوتية في بقاء اللاهوتية ليبقى بالهوية
٢١٩
دون الأنانية فإن الله لا يغفر بمراتب المغفرة أن يشرك به بمراتب الشرك ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء أي لمن يشاء المغفرة فيستغفر الله تعالى من مراتب الشرك فيغفر له بمراتب المغفرة ومن يشرك بالله بمراتب الشرك فقد افترى إثماً عظيماً أي جعل بينه وبين الله حجاباً من إثبات وجود الأشياء وأنانيته وهي أعظم الحجب كما قيل وجودك ذنب لا يقاس به ذنب :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢١٧
نيستي جولانكه أهل دلست
شاهراه عاشقان كاملست
ون وجودت محو كردى ازميان
نور وحدث شم دل را شد عيان
شرك رهزن باشد اي دل در طريق
ذكر توحيد خدارا كن رفيق


الصفحة التالية
Icon