بكو تا يست اين جام كزيده
نين كفت اوكه سلطان نكونام
بدست سر بريده ميدهد جام
كسى اين جام معنى ميكند نوش
كه كرداول سر خودرافر اموش
كما قيل : من لم يركب الأهوال لم ينل الأموال فيا أيها العبد الذي لا يفعل ما يوعظ به ولا يخاف من ربه كيف تركت ما هو خير لك وأعرضت عما ينفعك فليس لك الآن إلا التوبة عما يوقعك في المعاصي والمنهيات والرجوع إلى الله بالطاعات والعبادات والفناء عن الذات بالإصغاء إلى المرشد الرشيد الواصل إلى سر التفريد وقبول أمره وعظته وتسليم النفس إلى تربيته ودوام المراقبة في الطريق ومن الله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٢
﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ والمراد بالطاعة هو الانقياد التام والامتثال الكامل بجميع الأوامر والنواهي.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٣
ـ روي ـ أن ثوبان مولى رسول الله أتاه يوماً وقد تغير وجهه ونحل جسمه فسأله عن حاله فقال : ما بي من وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة على لقائك ثم ذكرت الآخرة فخفت أن لا أراك هناك لأني
٢٣٣
عرفت أنك ترفع مع النبيين وإن أدخلت الجنة كنت في منزل دون منزلتك وإن لم أدخل فذاك حين أراك ابداً فنزلت فقال صلى الله عليه وسلّم "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين" فأولئك إشارة إلى المطيعين ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم﴾ أي : أتم الله عليهم النعمة وهذا ترغيب للمؤمنين في الطاعة حيث وعدوا مرافقة أقرب عباد إلى الله وأرفعهم درجات عنده ﴿مِّنَ النَّبِيِّانَ﴾ بيان للمنعم عليهم وهم الفائزون بكمال العلم والعمل المتجاوزون حد الكمال إلى درجة التكميل ﴿وَالصِّدِّيقِينَ﴾ المبالغين في الصدق والإخلاص في الأقوال والأفعال الذين صعدت نفوسهم تارة بمراقي النظر في الحجج والآيات وأخرى بمعارج التصفية والرياضات إلى أوج العرفان حتى اطلعوا على الأشياء وأخبروا عنها على ما هي عليها ﴿وَالشُّهَدَآءِ﴾ الذين أدى بهم الحرص على الطاعة والجد في إظهار الحق حتى بذلوا مهجهم في إعلاء كلمة الله ﴿وَالصَّـالِحِينَ﴾ الذين صرفوا أعمارهم في طاعته وأموالهم في مرضاته وليس المراد بالمعية الاتحاد في الدرجة لأن التساوي بين الفاضل والمفضول لا يجوز ولا مطلق الاشتراك في دخول الجنة بل كونهم فيها بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر وزيارته متى أراد وإن بعد ما بينهما من المسافة ﴿وَحَسُنَ أُوالَـائِكَ رَفِيقًا﴾ في معنى التعجب كأنه قيل وما أحسن أولئك رفيقاً أي النبيين ومن بعدهم ورفيقاً تمييز وإفراده لما أنه كالصديق والخليط والرسول يستوي فيه الواحد والمتعدد والرفيق الصاحب مأخوذ من الرفق وهو لين الجانب واللطافة في المعاشرة قولاً وفعلاً ﴿ذَالِكَ الْفَضْلُ﴾ مبتدأ والفضل صفته وهو إشارة إلى ما للمطيعين من عظيم الأجر ومزيد الهداية ومرافقة هؤلاء المنعم عليهم ﴿مِّنَ اللَّهِ﴾ خبره أي لا من غيره ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ بجزاء من أطاعه وبمقادير الفضل واستحقاق أهله.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٣
وهذه الآية عامة في جميع المكلفين إذ خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ فكل من أطاع الله وأطاع الرسول فقد فاز بالدرجات والمراتب الشريفة عند الله تعالى :
ـ روي ـ عن بعض الصالحين أنه قال : أخذتني ذات ليلة سنة فنمت فرأيت في منامي كأن القيامة قد قامت وكأن الناس يحاسبون فقوم يمضي بهم إلى الجنة وقوم يمضي بهم إلى النار قال : فأتيت الجنة فناديت يا أهل الجنة بماذا نلتم سكنى الجنان في محل الرضوان؟ فقالوا لي : بطاعة الرحمان ومخالفة الشيطان ثم أتيت باب النار فناديت يا أهل النار بماذا نلتم النار؟ قال : بطاعة الشيطان ومخالفة الرحمان :
كجا سربر آريم ازين عاروننك
كه با او بصلحيم وباحق بجنك
نظر دوست تادر كند سوى تو
ودر روى دشمن بودروى تو
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى" قيل : ومن أبى؟ قال :"من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" فعلى المرء أن يتبع الرسول ويتبع أولياء الله فإن الأنبياء لهم وحي إلهي والأولياء لهم الهام رباني والاتباع لهم لا يخلو عن الاتباع للرسول قال عليه السلام :"المرء مع من أحب" فإن أحب الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين كان معهم في الجنة.
وفي الآية تنبيه على أنه ينبغي للعبد أن لا يتأخر من مرتبة الصلاح بل يسعى في تكميل الصلاح ثم يترقى إلى مرتبة الشهادة ثم إلى الصديقية وليس بين النبوة وبين الصديقية
٢٣٤