وهم المؤمنون فالفاء جواب شرط مقدر أي إن بطأ هؤلاء عن القاتل فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة وهم المبطئون فالفاء للتعقيب أي ليتركوا ما كانوا عليه من التثبيط والنفاق القعود عن القتال في سبيل الله ﴿وَمَن يُقَـاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ لا يقادر قدره وعدله الأجر العظيم غلب أو غلب ترغيباً في القتال أو تكذيباً لقولهم قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيداً وإنما قال : فيقتل أو يغلب تنبيهاً على أن المجاهد ينبغي أن يثبت في المعركة حتى يعز نفسه بالشهادة أو الدين بالظفر والغلبة ولا يخطر بباله القسم الثالث أصلاً وأن لا يكون قصده بالذات إلى القتل بل إلى إعلاء الحق وإعزاز الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيله وتصديق كلمته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه" مع ما نال من أجر وغنيمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" وذلك بأن تدعوا عليهم بالخذلان والهزيمة وللمسلمين بالنصر والغنيمة وتحرضوا القادرين على الغزو وفي الحديث "من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازياً في سبيل الله بخير فقد غزا" أي : كان خلفاً لأهل بيته في إقامة حوائجهم وتتميم مصالحهم وفضائل الجهاد لا تكاد تضبط.
فعلى المؤمن أن يكون في طاعة ربه بأي وجه كان من الوجوه التعبدية فإن الآية الأولى وهي قوله : يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} الآية وإن نزلت في الحرب لكن يقتضي إطلاق لفظها وجوب المبادرة إلى الحيرات كلها كيفما أمكن قبل الفوات :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٣
مكن عمر ضايع بافسوس وحيف
كه فرصت عزيز ست والوقت سيف
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "بادروا بالأعمال قبل أن تجيىء فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا" وعن الزبير بن عدي قال : أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقي من الحجاج فقال : اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشد منه شراً حتى تتقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلّم
روزي اكر غمي رسدت تنك دل مباش
روشكر كن مبادكه ازبد بترشود
واعلم أن العدة والسلاح في جهاد النفس والشيطان يعني آلة قتالهما ذكر الله وبه يتخلص الإنسان من كونه أسير الهوى النفساني قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده" وعن أبي واقد الحارث بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وذهب واحد فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها.
وأما الآخر فجلس خلفهم.
وأما الثالث فادبر ذاهباً فلما فرغ
٢٣٦
رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال :"ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه الله وأما الآخر فاستحيا فاستح يا الله منه وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه".
بذ كرش هره بيني درخروشست
دلى داند درين معنى كه كوشست
نه بلبل بركلش تسبيح خوانيست
كه هر خاري بتوحيدش زبانيست
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٣


الصفحة التالية
Icon