ـ روي ـ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استأذن يوماً على النبي عليه السلام وعنده نساء من قريش يسألنه عالية أصواتهن على صوته فلما دخل ابتدرن الحجاب فجعل صلى الله عليه وسلّم يضحك فقال : ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال صلى الله عليه وسلّم "عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك بادرن الحجاب" فقال عمر : أنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم أقبل عليهن فقال : أي : عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلن : أنت أفظ وأغلظ من رسول الله فقال عليه السلام :"يا ابن الخطاب فوالذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك".
ـ وروي ـ عن وهب بن منبه أنه قال : كان عابد في بني إسرائيل أراد الشيطان أن يضله فلم يستطع من أي جهة أراده من الشهوة والغضب وغير ذلك فأراده من قبل الخوف وجعل يدلي الصخرة من الجبل فإذا بلغه ذكر الله تباعد عنه ثم تمثل بالحية وهو يصلي فجعل يلتوي على رجليه وجسده حتى يبلغ رأسه وكان إذا أراد السجود التوى في موضع رأسه فجعل ينحيه بيده حتى يتمكن من السجود فلما فرغ من صلاته وذهب جاء إليه الشيطان فقال له : فعلت لك كذا وكذا فلم أستطع منك على شيء فأريد أن أصادقك أي أن أكون صديقاً لك فإني لا أريد ضلالتك بعد اليوم فقال العابد : ما لي حاجة في مصادقتك فقال الشيطان : ألا تسألني بأي شيء أضل به بني آدم قال : نعم قال : بالشح والحدة والسكر فإن الإنسان إذا كان شحيحاً قللنا ماله في عينه فيمنعه من حقوقه ويرغب في أموال الناس :
كريمانرا بدست اندر درم نيست
خداوندان نعمت را كرم نيست
وقيل في بعض الأشعار :
٢٣٨
باشد وابر بي مطر وبحر بي كهر
آنراكه باجمال نكوجود بارنيست
وإذا كان الرجل حديداً أدرناه بيننا كما يدير الصبيان الاكرة ولو كان يحيي الموتى لم نبال به :
اكر آيد زدوستي كنهي
بكناهي نشايد آزردن
ور زبانرا بعذر بكشايد
بايدت خشم را فروخردن
زانكة نزديك عاقلان بترست
عفو ناكردن ازكنه كردن
وأما إذا سكر قدناه إلى كل شيء كما تقاد العنز بإذنها :
مي مزيل عقل شد أي ناخلف
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٧
تابندي ميخوري در روزكار
آدمي را عقل بايد دربدن
ورنه جان دركالبد دارد حمار
فعلى العاقل أن يجاهد في سبيل الله فإن المجاهدة على حقيقتها تقوي الروح الضعيف الذي استضعفه النفس بالاستيلاء عليه ويتضرع إلى الله بالصدق والثبات حتى يخرج من قرية البدن الظالم أهلها وهوالنفس الأمارة بالسوء ويتشرف بولاية الله تعالى في مقام الروح رزقنا الله وإياكم فتح باب الفتوح آمين يا ميسر كل عسير.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٧
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٩


الصفحة التالية
Icon