﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَواةَ﴾ صلاة الخوف أي أديتموها على الوجه المبين وفرغتم منها فظهر منه أن القضاء يستعمل فيما فعل في وقته ومنه قوله تعالى :﴿فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـاسِكَكُمْ﴾ (البقرة : ٢٠٠) ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ حال كونكم ﴿قِيَـامًا﴾ أي قائمين ﴿وَقُعُودًا﴾ أي قاعدين ﴿وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ أي : مضطجعين أي فداوموا على ذكر الله تعالى وحافظوا على مراقبته ومناجاته ودعائه في جميع الأحوال حتى في حال المسابقة والقتال كما في قوله تعالى :﴿إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الأنفال : ٤٥) ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ﴾ سكنت قلوبكم من الخوف وأمنتم بعد ما تضع الحرب أوزارها ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ﴾ أي : الصلاة التي دخل وقتها حينئذٍ أي أدوها بتعديل أركانها ومراعاة شرائعها.
ومن حمل الذكر على ما يعم الذكر باللسان والصلاة من الحنفية فله أن يقول في تفسير الآية : فداوموا على ذكر الله في جميع الأحوال وإذا أردتم أداء الصلاة فصلوها قائمين حال الصحة والقدرة على القيام وقاعدين حال المرض والعجز عن القيام ومضطجعين على الجنوب حال العجز عن القعود ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَـابًا مَّوْقُوتًًا﴾ أي : فرضاً موقتاً.
قال مجاهد وقته تعالى عليهم فلا بد من إقامتها في حالة الخوف أيضاً على الوجه المشروع وقيل مفروضاً مقدراً في الحضر أربع ركعات وفي السفر ركعتين فلا بد أن تؤدي في كل وقت حسبما قدر فيه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧٦
قال في "شرح الحكم العطائية" ولما علم الله تعالى ما في العباد من وجود الشره المؤدي إلى الملل القاطع عن بلوغ العمل جعل الطاعات في الأوقات إذ جعل في اليوم خمساً وفي السنة شهراً وفي المائتين خمساً وفي العمر زورة رحمة بهم وتيسيراً للعبودية عليهم ولو لم يقيد الطاعات بأعيان الأوقات لمنعهم عنها وجود التسويف فإذا يترك معاملته تعامياً وبطراً وبطالة واتباع للهوى وإنما وسع الوقت كي تبقى حصة الاختيار وهذا سر الوقت وكان الواجب على الأمة ليلة المعراج خمسين صلاة فخفف الله عنهم وجازاهم بكل وقت عشراً فاجر خمسين في خمسة أوقات قالوا وجه كون يوم القيامة على الكافر خمسين ألف سنة لأنه لما ضيع الخمسين عوقب بكل صلاة ألف سنة كما أقروا على أنفسهم بقولهم :﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ وفي الحديث :"من ترك صلاة حتى مضى وقتها ثم قضى عذب في النار حقباً" والحقب ثمانون سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوماً كل يوم ألف سنة مما تعدون يعني ترك الصلاة إلى وقت القضاء إثم لو عاقب الله به يكون جزاءه هكذا ولكن الله يتكرم بأن لا يجازي به إذا تاب عنه كذا في "مشكاة الأنوار" وفي الحديث :"خمسة لا تطفأ نيرانهم ولا تموت ديدانهم ولا يخفف عنهم
٢٧٦
من عذابها.
مشرك بالله.
وعاق لوالديه.
والزاني بحليلة جاره.
ورجل سلم أخاه إلى سلطان جائر.
ورجل أو امرأة سمع المؤذن ولم يجب من غير عذر" يعني : أخرها عن وقتها بغير عذر كذا في "روضة العلماء" وفي الحديث :"ما افترض الله على خلقه بعد التوحيد شيئاً أحب إليه من الصلاة ولو كان شيء أحب إليه من الصلاة تعبد به ملائكته فمنهم راكع وساجد وقائم وقاعد" وكان آخر ما أوحي به إلي النبي عليه السلام الصلاة وما ملكت إيمانكم.
واعلم أنعباداً قد منحهم ديمومية الصلاة فهم في صلاتهم دائمون من الأزل إلى الأبد وليس هذا يدرك بالعقول القاصرة ولا يعقلها إلا العالمون بالله تعالى.
وفي "التأويلات النجمية" ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَـابًا مَّوْقُوتًًا﴾ يعني : واجباً في جميع الأوقات حين فرضت بقوله :﴿أَقِيمُوا الصَّلَواةَ﴾ أي أديموها رخص فيها بخمس صلوات في خمسة أوقات لضرورة ضعف الإنسانية كما كان الصلاة الخمس خمسين صلاة حين فرضت ليلة المعراج فجعلها بشفاعة النبي عليه السلام خمساً وهذا لعوام الخلق وإلا أثبت دوام الصلاة للخواص بقوله :﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَآاـاِمُونَ﴾ (المعارج : ٢٣).
وفي المثنوي :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧٦
نج وقت آمد نماز رهنمون
عاشقانش في صلاة دائمون
نيست زرغبا وظيفه ماهيان
زانكه بي دريا ندارد انس وجان
هي كس باخويش زرغبا نمود
هي كس باخود بنوبت يا ربود
دردل عاشق بجز معشوق نيست
درميان شان فارق وفاروق نيست
﴿وَلا تَهِنُوا فِى ابْتِغَآءِ الْقَوْمِ﴾ نزلت في بدر الصغرى وهي موضع سوق لبني كنانة كانوا يجتمعون فيها كل عام ثمانية أيام.