﴿وَمَن يَعْمَلْ سُواءًا﴾ عملاً قبيحاً متعدياً يسوء به غيره ويخزيه كما فعل طعمة بقتادة واليهودي ﴿أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ بما يختص به كالحلف الكاذب وقيل السوء ما دون الشرك والظلم الشرك لأن الشرك ظلم عظيم.
وقيل : هما الصغيرة والكبيرة ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾ بالتوبة الصادقة وشرطت التوبة لأن الاستغفار لا يكون توبة بالإجماع ما لم يقل معه تبت وأسأت ولا أعود إليه أبداً فاغفر لي يا رب كما في "تفسير الحدادي" ﴿يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا﴾ لذنوبه كائنة ما كانت ﴿رَّحِيمًا﴾ متفضلاً عليه وفيه مزيد ترغيب لطعمة وقومه في التوبة والاستغفار لما أن مشاهدة التائب لآثار المغفرة والرحمة نعمة زائدة.
وعن علي رضي الله عنه قال : حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر رضي الله عنه قال :"ما من عبد يذنب ذنباً ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله إلا غفر الله له" وتلا هذه الآية "ومن يعمل سوأ الخ".
اي كه بي حد كناه كردستي
مي نترسي ازان فعال شنيع
توبه كن تا رضاي حق يابي
كه به ازتوبه نيست هي شفيع
﴿وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا﴾ من الآثام ﴿فَإِنَّمَا يَكْسِبُه عَلَى نَفْسِهِ﴾ بحيث لا يتعدى ضرره ووباله إلى غيره فليحترز عن تعريضها للعقاب والعذاب عاجلاً وآجلاً.
وفي "التأويلات النجمية" :﴿فَإِنَّمَا يَكْسِبُه عَلَى نَفْسِهِ﴾ فإن رين الإثم يظهر في الحال في صفاء مرآة قلبه يعميه عن رؤية الحق ويصمه عن سماع الحق كما قال تعالى :﴿كَلا بَلْا رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (المطففين : ١٤) ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ فهو عالم بفعله حكيم في مجازاته ﴿وَمَن يَكْسِبْ خَطِيا َةً﴾ صغيرة أو ما لا عمد فيه من الذنوب ﴿أَوْ إِثْمًا﴾ كبيرة أو ما كان عن عمد ﴿ثُمَّ يَرْمِ بِهِ﴾ أي يقذف بأحذ المذكورين ويسب به ﴿بَرِيا ًا﴾ أي : مما رماه به ليحمله عقوبة العاجلة كما فعل طعمة بزيد اليهودي ﴿فَقَدِ احْتَمَلَ﴾ أي : ما فعل من تحميل جريرته على البري ﴿بُهْتَانًا﴾ لا يقادر قدره ﴿وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ أي : بيناً فاحشاً لأنه بكسب الإثم آثم وبرمي البريء باهت فهو جامع بين الأمرين وسمي رمي البريء بهتاناً لكون البريء متحيراً عند سماعه لعظمه في الكذب يقال بهت الرجل بالكسر إذا دهش وتحير ويقال بهته بهتاناً إذا قال عنه ما لم يقله أو نسب إليه ما لم يقله.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٨١
ـ روي ـ عنه عليه السلام أنه قال :"الغيبة ذكرك أخاك بما يكره"
٢٨١
فقيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال :"إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته".
وفي "التأويلات النجمية" :﴿فَقَدِ احْتَمَلَ﴾ صاحب النفس ﴿بُهْتَانًا﴾ أبهت القلوب عن العبودية والطاعة ﴿وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾ بما أتمت به نفسه من المعاصي وأثم بها قلبه فيكون بمنزلة من جعل اللب وهو القلب جلداً وهو النفس وهذا من أكبر الشقاوة فلا ينقطع عنه العذاب إذا صار كل وجوده جلوداً فيكون من جملة الذين قالوا الله تعالى فيهم ﴿سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ لأنهم بدلوا الألباب بالجلود ههنا انتهى.
واعلم أن الاستغفار فرار العبد من الخلق إلى الخالق ومن الأنانية إلى الهوية الذاتية وذلك عند صدق الطلب ومن طلبه وجده كما قال :"ألا من طلبني وجدني" قال موسى عليه السلام : أين أجدك يا رب قال :"يا موسى إذا قصدت إليّ فقد وصلت إليّ" فلا بد من الاستغفار مطلقاً، ويقال : سلطان بلا عدل كنهر بلا ماء.
وعالم بلا عمل كبيت بلا سقف.
وغني بلا سخاوة كسحاب بلا مطر.
وشاب بلا توبة كشجر بلا ثمر.
وفقير بلا صبر كقنديل بلا ضوء.
وامرأة بلا حياء كطعام بلا ملح.
وتهذيب الأخلاق قبل الموت من سنن الأخيار والعمل الصالح قرين الرجل كما أن السوء كذلك :
ناكهان بانك درسراي افتاد
كه فلا نرا محل وعده رسيد
دوستان آمدند تالب كور
قدمي ند وبازس كرديد
وين كز ودسترس نميد أرى
مال وملك وقباله برده كليد
وين كه يوسته باتو خواهد بود
عمل تست ونفس اك وليد
نيك درياب وبدمكن زنهار
كه بدونيك باز خواهي ديد
ـ حكي ـ أن الشيخ وفا المدفون بقسطنطينية في حريم جامعه الشريف أهدي إليه ثمانون ألف درهم من قبل السلطان بايزيد الثاني ليعقد عقد النكاح لبعض بناته فقال : لا أفعل ولو أعطيت الدنيا وما فيها قيل : ولم؟ قال : لأن لي أوراداً إلى الضحى لا أنفك عنها ساعة وأنام من الضحى إلى الظهر لا أترك منه ساعة وأما بعد الظهر فأنتم لا ترضونه لأن النهار يكون في الانتقاص وهكذا يكون طالب الحق في ليله ونهاره فإن الدنيا فانية فالحي الباقي هو الله تعالى فلا بد من طلبه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٨١
ـ روي ـ عنه عليه السلام أنه قال :"الغيبة ذكرك أخاك بما يكره"
٢٨١
فقيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال :"إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته".


الصفحة التالية
Icon