وعن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه "لما خلق الله تعالى جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قال لها : تكلمي فقالت : قد أفلح المؤمنون ثلاثاً ثم قالت : إني حرام على كل بخيل مراء" فينبغي للمؤمن أن يحترز من الرياء ويسعى في تحصيل الإخلاص في العمل وهو أن لا يريد بعمله سوى الله تعالى قال بعضهم دخلت على سهل بن عبد الله يوم الجمعة قبل الصلاة فرأيت في البيت حية فجعلت أقدّم رجلاً وأؤخر أخرى فقال سهل : أدخل لا يبلغ أحد حقيقة الإخلاص وعلى وجه الأرض شيء يخافه ثم قال : هل لك حاجة في صلاة الجمعة؟ فقلت : بيننا وبين المسجد مسيرة يوم وليلة فأخذ بيدي فما كان قليلاً حتى رأيت المسجد فدخلنا وصلينا الجمعة ثم خرجنا فوقف ينظر إلى الناس وهم يخرجون فقال أهل لا إله إلا الله كثير والمخلصون منهم قليل :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٩٨
عبادت بإخلاص نيت نكوست
وكرنه ه آيد زيمغز وست
فالمخلص في عمله لا يقبل عوضاً ولو أعطى له الدنيا وما فيها.
ـ حكاية ـ (آورده اندكه جوانمردي غلام خويش را كفت سخاوت آن نيست صدقه بكسى دهند كه اورابشناسند صد دينار بستان وببازار ببر وأول درويشي كه بيني بوى ده غلام ببازار رفت يرى ديدكه حلاق سراو مى تراشيد زر بوى داد ير كفت كه من نيت كرده ام كه هره مرا فتوح شود بوى دهم وحلاق را كفت بستان حلاق كفت من نيت كرده ام سراورا از براي خدا بتراشم اجر خود از حق تعالى بصد دينار نمى فروشم وهي كس نستادند غلام باز كشت وزرباز آورد) كذا في "أنيس الوحدة وجليس الخلوة".
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٩٨
يا اأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَواَّمِينَ بِالْقِسْطِ} مبالغين في العدل وإقامة القسط في جميع الأمور مجتهدين في ذلك حق الاجتهاد ﴿شُهَدَآءَ﴾ بالحق تقيمون شهاداتكم بوجه الله تعالى كما أمرتم بإقامتها وهو خبر
٣٠٠
ثان ﴿وَلَوْ﴾ كانت الشهادة ﴿عَلَى أَنفُسِكُمْ﴾ بأن تقروا عليها لأن الشهادة على النفس إقرار على أن الشهادة عبارة عن الإخبار بحق الغير سواء كان ذلك عليه أو على ثالث أو بأن تكون الشهادة مستتبعة لضرر ينالكم من جهة المشهود عليه بأن يكون سلطاناً ظالماً أو غيره ﴿أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالاقْرَبِينَ﴾ أي : ولو كانت على والديكم وأقاربكم بأن تقروا وتقولوا مثلاً أشهد أن لفلان على والدي كذا أو على أقاربي أو بأن تكون الشهادة وبالاً عليهم على ما مر آنفاً وفي هذا بيان أن شهادة الابن على الوالدين لا تكون عقوقاً ولا يحل للابن الامتناع عن الشهادة على أبويه لأن في الشهادة عليهما بالحق منعاً لهما من الظلم وأما شهادته لهما وبالعكس فلا تقبل لأن المنافع بين الأولاد والآباء متصلة ولهذا لا يجوز أداء الزكاة إليهم فتكون شهادة أحدهما شهادة لنفسه أو لتمكن التهمة ﴿إِن يَكُنْ﴾ أي : المشهود عليه ﴿غَنِيًّا﴾ ينبغي في العادة رضاه ويتقي سخطه ﴿أَوْ فَقِيرًا﴾ يترحم عليه غالباً وجواب الشرط محذوف لدلالة قوله تعالى :﴿فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا﴾ عليه أي : فلا تمتنعوا عن إقامة الشهادة طلباً لرضى الغني أو ترحماً على الفقير فإن الله تعالى أولى بجنسي الغني والفقير بالنظر لهما ولولا أن الشهادة عليهما مصلحة لهما لما شرعها وفي الحديث "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" قيل : يا رسول الله كيف ينصره ظالما قال :"أن يرده عن ظلمه" فإن ذلك نصره معنى ومنع الظالم عن ظلمه عون له على مصلحة دينه ولذا سمي نصراً، قال السعدي قدس سره :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٠
بكمراه كفتن نكو ميروى
كناه بزركست وجور قوى
بكوى آنه داني سخن سودمند
وكر هي كس را نيايد بسند


الصفحة التالية
Icon