كه كافرهم از روى صورت و ماست
وإنما يظهر التفاوت في الآخرة لأنها دار الجزاء فطوبى لعبد تفكر في حاله ومصيره فرغب في الزهد والطاعة قبل مضي الوقت، قال في "المثنوي" :
كر ببيني ميل خود سوى سما
ردولت بر كشا همون هما
ور ببيني ميل خود سوى زمين
نوحه ميكن هي منشين از حنين
عاقلان خود نوحها يشين كنند
جاهلان آخر بسر بر مي زنند
زابتداء كار آخررا ببين
تانباشي تو يشيمان روز دين
ـ وحكي ـ أن رجلاً جاء إلى صائغ يسأل منه الميزان ليزن رضاض ذهب له فقال الصائغ : اذهب فإنه ليس لي غربال فقال الرجل لا تسخر بي آت الميزان فقال الصائغ ليس لي مكنسة ثم قال : اطلب منك الميزان أيها الصائغ وأنت تجيبني بما يضحك منه فقال : إنما قلت ما قلت لأنك شيخ مرتعش فعند الوزن يتفرق رضاضك من يدك بسبب ارتعاشك ويسقط إلى التراب فتحتاج إلى المكنسة والغربال للتخليص فبسبب فكري لعاقبة أمرك قلت ما قلت :
من زاول ديدم آخررا تمام
جاي ديكر رو ازنيجا والسلام
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
واعلم أن أحباء الله هم أولياء الله على اختلاف درجاتهم وطبقاتهم، فمنهم عوام، ومنهم خواص، ومنهم أخص ولكل منهم مقام معلوم من المحبة، ورأى بعضهم معروفاً الكرخي تحت العرش وقد قال الله تعالى لملائكته من هذا فقالوا : أنت أعلم يا رب فقال هذا معروف الكرخي سكر من حبي فلا يضيق إلا للقائي وكمال الحب إنما يحصل بعد تزكية النفس فإن النفس إذا كانت مغضوبة لا تتم الرحمة في حقها وصاحبها إنما يحب الله تعالى من وراء حجاب اللهم اجعلنا ممن يحبك حباً شديداً ويسلك في محبتك طريقاً سديداً.
يا اأَهْلَ الْكِتَـابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا} حال كونه ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾ الشرائع والأحكام الدينية المقرونة بالوعد والوعيد.
﴿عَلَى فَتْرَةٍ﴾ كائنة ﴿مِّنَ الرُّسُلِ﴾ مبتدأة من جهتهم وعلى متعلق بجاءكم على الظرفية أي جاءكم على حين فتور من الإرسال وانقطاع من الوحي ومزيد احتياج إلى بيان الشرائع والأحكام الدينية يقال فتر الشيء يفتر فتوراً إذا سكنت حركته وصارت أقل مما كانت عليه وسميت المدة بين الأنبياء فترة لفتور الدواعي في العمل بتلك الشرائع ونبينا صلى الله تعالى عليه وسلم بعث بعد انقطاع الرسل لأن الرسل كانت متواترة بعضها في أثر بعض إلى وقت رفع عيسى عليه السلام ﴿أَن تَقُولُوا﴾ تعليل لمجيىء الرسول بالبيان على حذف
٣٧٣
المضاف أي كراهة أن تقولوا معتذرين عن تفريطكم في مراعاة أحكام الدين ﴿مَا جَآءَنَا مِنا بَشِيرٍ﴾ يبشرنا بالجنة ﴿وَلا نَذِيرٍ﴾ يخوفنا بالنار وقد انطمست آثار الشرائع السابقة وانقطعت أخبارها ﴿فَقَدْ جَآءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ متعلق بمحذوف تنبىء عنه الفاء الفصيحة وتبين أنه معلل به أي لا تعتذروا بذلك فقد جاءكم بشير أي بشير ونذير أي نذير على أن التنوين للتفخيم، وفي الآية امتنان عليهم بأن بعث إليهم حين انطمست آثار الوحي وكانوا أحوج ما يكون إليه ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ فيقدر على الإرسال تترى كما فعل بين موسى وعيسى عليهما السلام حيث كان بينهما ألف وسبعمائة سنة وألف نبي وعلى الإرسال بعد الفترة كما فعله بين عيسى ومحمد عليهما السلام حيث كان بينهما ستمائة سنة وتسع وتسعون سنة أو خمسمائة وست وأربعون سنة وأربعة أنبياء على ما روي الكلبي ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب خالد بن سنان العبسي وقيل : لم يكن بعد عيسى إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو الأنسب بما في تنوين فترة من التفخيم اللائق بمقام الامتنان عليهم بأن الرسول قد بعث إليهم عند كمال حاجتهم إليه بسبب مضي دهر طويل بعد انقطاع الوحي ليعدوه أعظم نعمة من الله وفتح باب إلى الرحمة وتلزمهم الحجة فلا يتعللوا غداً بأنه لم يرسل إليهم من ينبههم من غفلتهم كذا في "الإرشاد".
وفي الحديث "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم فإنه ليس بيني وبينه نبي" قال ابن الملك : بطل بهذا قول من قال : الحواريون كانوا أنبياء بعد عيسى عليه السلام انتهى ومعنى قوله نبي أي نبي داع للخلق إلى الله وشرعه وأما خالد بن سنان فإن أظهر بدعواه الأنباء عن البرزخ الذي بعد الموت وما أظهر نبوته في الدنيا.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١