وقال عمرو بن ميمونة مات هارون وموسى في التيه مات هارون قبل موسى وكانا خرجا إلى بعض الكهوف فمات هارون ودفنه موسى وانصرف إلى بني إسرائيل فقالوا قتلته لحبنا إياه وكان محبباً في بني إسرائيل فتضرع موسى إلى ربه فأوحى الله إليه أن انطلق بهم إلى قبره فنادى يا هارون فخرج من قبره ينفض رأسه فقال : أنا قتلتك فقال : لا ولكنني مت قال : فعد إلى مضجعك وانصرفوا، وأما وفاة موسى عليه الصلاة والسلام قال ابن إسحق : كان صفى الله موسى قد كره الموت وأعظمه فأراد الله أن يحبب إليه الموت فنبىء يوشع بن نون فكان يعدو ويروح عليه فيقول له موسى : يا نبي الله ما أحدث الله إليك فيقول له يوشع : يا نبي الله ألم أصحبك كذا وكذا سنة فهل كنت أسألك عن شيء مما أحدث الله إليك حتى تكون أنت الذي تبثه به وتذكره ولا يذكر له شيئاً ولما رأى موسى ذلك كره الحياة وأحب الموت وفي الحديث "جاء ملك الموت إلى موسى فقال له : أجب ربك قال فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها فرجع ملك الموت إلى الله تعالى فقال : إنك أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت وقد فقأ عيني قال فرد الله إليه عينه وقال ارجع إلى عبدي فقل له الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما وارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة قال : ثم ماذا قال : ثم تموت قال فالآن من قريب قال رب ادنني من الأرض المقدسة قدر رمية حجر" قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم "لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر" قال محمد بن يحيى قد صح حديث ملك الموت وموسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا يرده الإكل مبتدع كذا في "تفسير الثعلبي" وفي حديث آخر "إن ملك الموت كان يأتي الناس عياناً حتى أتى موسى ليقبضه فلطمه ففقأ عينه فجاء ملك الموت بعد ذلك خفية" وقال وهب خرج موسى لبعض حاجاته فمر برهط من الملائكة يحفرون قبراً لم ير شيئاً قط أحسن منه ومثل ما فيه من الحضرة والنضرة والبهجة فقال لهم : يا ملائكة الله لمن يحفر هذا القبر فقالوا : لعبد كريم على ربه فقال : إن هذا العبد من الله بمنزل ما رأيت مضجعاً أحسن من هذا؟ قالوا : يا كليم الله أتحب أن يكون لك قال : وددت قالوا : فانزل واضطجع فيه وتوجه إلى ربك قال : فاضطجع فيه وتوجه إلى ربه ثم تنفس أسهل نفس قبض الله روحه ثم سوت الملائكة عليه التراب وقيل إن ملك الموت أتاه بتفاحة من الجنة فشمها فقبض روحه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١
ـ وروي ـ أن يوشع رآه بعد موته في المنام فقال : كيف وجدت الموت؟ قال : كشاة تسلخ وهي حية وكان عمر موسى مائة وعشرين سنة فلما مات موسى وانقضت الأربعون بعث الله يوشع نبياً فأخبره أن الله قد أمره بقتال الجبابرة فصدقوه وتابعوه فتوجه ببني إسرائيل إلى أريحا معه تابوت الميثاق فأحاط بمدينة أريحاء ستة أشهر فلما كان السابع نفخوا في القرون
٣٧٨
وضج الشعب ضجة واحدة فسقط سور المدينة ودخلوا فقاتلوا الجبارين فهزموهم وهجموا عليهم يقتلونهم وكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها لا يقطعونها وكان القتال يوم الجمعة فبقيت منهم البقية وكادت الشمس تغرب وتدخل ليلة السبت فقال : اللهم اردد الشمس علي وقال للشمس إنك في طاعة الله تعالى وأنا في طاعة الله فسأل الشمس أن تقف والقمر أن يقيم حتى ينتقم من أعداء الله قبل دخول السبت فردت عليه الشمس وزيد في النهار ساعة حتى قتلهم أجمعين وتتبع ملوك الشام فاستباح منهم أحداً وثلاثين ملكاً حتى غلب على جميع أرض الشام وصارت الشام كلها لبني إسرائيل وفرق عماله في نواحيها وجمع الغنائم فلم تنزل النار فأوحى الله إلى يوشع أن فيها غلولاً فمرهم فليبايعوك فبايعوه فالتصقت يد رجل منهم بيده فقال : هلم ما عندك فأتاه برأس ثور من ذهب مكلل بالياقوت والجواهر وكان قد غله فجعله في القربان وجعل الرجل معه فجاءت النار فأكلت الرجل والقربان ثم مات يوشع ودفن في جبل افرائيم وكان عمره مائة وستاً وعشرين سنة وتدبيره أمر بني إسرائيل بعد موت موسى سبعاً وعشرين سنة :
جهان أي بردار نماند بكس
دل اندر جهان آفرين بندوبس
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١


الصفحة التالية
Icon