﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ﴾ أي : على أهل الكتاب ﴿نَبَأَ ابْنَىْ ءَادَمَ﴾ أي : خبر ابني أبي البشر وهما قابيل وهابيل ﴿بِالْحَقِّ﴾ أي : تلاوة ملتبسة بالحق والصحة ذكر العلماء أن حواء كانت تلد في كل بطن ولدين ذكراً وأنثى الاشيثا فإنها ولدته منفرداً فولدت أول بطن قابيل وأخته اقليما ثم ولدت في البطن الثانية هابيل وأخته ليوذا فلما أدركوا أوحى الله إلى آدم أنه يزوج كلاً منهما توأمة الآخر لأنه لم يكن يومئذٍ إلا اختاهما وكانت توأمة قابيل أجمل فحسد عليها أخاه وسخط وزعم أن ذلك ليس من عند الله بل من جهة آدم فقال لهما قربا قرباناً فمن أيكما قبل تزوجها ففعلا فنزلت نار على قربان هابيل فأكلته ولم تتعرض لقربان قابيل فازداد قابيل حسداً وسخطاً وفعل ما فعل ﴿إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا﴾ ظرف لنبأ والقربان اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى من ذبيحة أو صدقة وتوحيده لما أنه في الأصل مصدر والتقدير إذ قرب كل منهما قرباناً ﴿فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا﴾ هو هابيل وكان صاحب ضرع وقرب جملاً سميناً أو كبشاً ولبناً وزبداً فنزلت نار من السماء بيضاء لا دخان لها فأكلته بعد دعاء آدم عليه السلام وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت من السماء نار فأكلتها وإن لم تكن مقبولة لم تنزل النار وأكلتها الطير والسباع وقيل ما كان في ذلك الوقت فقير يدفع إليه ما يتقرب به إلى الله تعالى فكانت علامة قبوله ما ذكر من مجيىء النار والأكل.
وروى سعيد بن جبير وغيره نزلت نار من السماء فاحتملت قربان هابيل ورفع بها إلى الجنة فلم يزل يرعى إلى أن فدي به الذبيح عليه السلام.
﴿وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الاخَرِ﴾ وهو قابيل كان صاحب زرع وقرب اردأ ما عنده من القمح ولم تتعرض له النار أصلاً لأنه سخط حكم الله ولم يخلص النية في قربانه وقصد إلى أخس ما عنده فنزلا عن الجبل الذي قربا عليه وقد غضب قابيل لرد قربانه وكان يضمر الحسد في نفسه إلى أن أتى آدم مكة لزيارة البيت فلما غاب آدم أتيى قابيل هابيل وهو في غنمه فعند ذلك ﴿قَالَ﴾ أي : من لم يتقبل قربانه لأخيه ﴿لاقْتُلَنَّكَ﴾ أي : والله لأقتلنك قال : ولم قال لأن الله قبل قربانك ورد قرباني وتنكح أختي الحسناء وأنكح
٣٧٩
الدميمة فيحدث الناس أنك خير مني ويفخر ولدك على ولدي
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦١


الصفحة التالية
Icon